نحن من أشد المتابعين لملف توظيف الأطباء العاطلين عن العمل منذ نحو عامين، وذلك لما يستحق من اهتمام من طرف السلطة الرابعة، باعتباره من الملفات الوطنية التي تتحمل إحدى مؤسسات الدولة مسؤوليته. ربما نصمت برهة عن فتح هذا الملف برجاء أن تقوم الصحة بحلحلته، لكن دون جدوى، حينها لا يجب أن تعتقد الصحة أننا نسينا طرقه من جديد، فإذا اعتقدت ذلك فهي واهمة.
نحن اليوم لدينا «خارطة الطريق» التي انتهجها هؤلاء الأطباء منذ أن تخرجوا حتى يومنا هذا، وكيف أنهم فعلوا كل ما بوسعهم وبكل الطرق القانونية والوطنية من أجل أن تقوم «الصحة» بتوظيفهم بدلاً من تعذيبهم، لكن بعض المسؤولين بوزارة الصحة كل يوم يمعنون في إذلالهم وإيذائهم، فقط من أجل أن يقولوا لهم: لن نوظفكم، أو حين نوظفكم فإننا سنوظفكم بمزاجنا، أو بعقود نحن من يرسم ملامحها وليس أنتم ولا قانون ديوان الخدمة المدنية ولا النواب.
حين ناشدنا ديوان سمو رئيس الوزراء هنا من أجل التدخل لحلحلة ملف العاطلين عن العمل من الأطباء البحرينيين، سارع بعض المسؤولين في وزارة الصحة برفع تقارير للديوان حول هذا الموضوع لتبرير موقفهم من هذه الكارثة، فقط من أجل أن ينتزعوا صيغة قانونية في عدم توظيف الأطباء، أو توظيفهم بعقود مجحفة لا نجدها حتى في الصومال.
بعض النواب بدورهم رفعوا رسالة قوية كبيانٍ نشر عبر الصحافة المحلية إلى وزارة الصحة «مشكورين»، أوضحوا فيه كل المثالب والعيوب والثغرات القانونية التي استندت إليها الوزارة بعدم إمكانيتها ورغبتها توظيف البحرينيين من الأطباء، معتبرين أن ما تقوم به وزارة الصحة أمر غير قانوني، حيث إنها تقوم بتطبيق قانون لم يعتمده مجلس النواب من قبل، وهذه شبه دستورية واضحة وقعت فيها الوزارة، إضافة أن النواب عبر بيانهم نصحوا الوزير والمسؤولين في وزارة الصحة بحلحلة ملف العاطلين بشكل عاجل، إضافة لفتح باب التوظيف على مدار العام مع ازدياد معاناة المستشفيات من نقص في الأطباء والممرضين والذي اعتبروه أمراً غير مقبول نهائياً، حسب تعبيرهم.
لعل من أهم ما جاء في بين النواب هو ما أبداه أحدهم باستغرابه الشديد لتصريح أحد الإداريين في وزارة الصحة في إحدى الصحف من خلال مقابلة مطولة معه، سامحاً لنفسه بالحديث عن توجه وزارة الصحة وبخطوات سريعة لتطبيق «قانون جديد» سيتم من خلاله فصل التدريب عن التوظيف للأطباء الخريجين الجدد، مستغرباً من تصريحه بهذا الأمر الذي يعد تدخلاً في شؤون السلطة التشريعية وما كفله الدستور من حق للنواب في تشريع القوانين، مؤكداً أن هذا القانون لم يصل للسلطة التشريعية لتمريره أو رفضه ليتحدث المدير عن تطبيقه أساساً، مستغرباً من عدم إلمام مدير إدارة التدريب بالآليات التشريعية والدستورية التي من خلالها تصدر التشريعات والقوانين، داعياً إياه إلى فهم واستيعاب الآليات الدستورية في البلد.
ألم العاطلين عن العمل من الأطباء البحرينيين لم ينتهِ بعد؛ فللحكاية فصول مؤلمة سنطرحها قريباً هنا، حتى تنتهي معاناتهم، لكن الكثير من الأمل معلق في عنق وكيل وزارة الصحة لا غيرها من المسؤولين، هذا ما يمكن أن يقال قبل الختام.
.. للحديث بقية