في عدد أمس بالصحيفة استفزني خبر معني بموافقة لجنة الخدمات بمجلس النواب على مشروع قانون يلغي سقف المعاشات التقاعدية للأعضاء البرلمانيين والبلديين، ويتيح ضم مدة افتراضية تصل إلى عامين.
وفي تفصيل الخبر، فإن اللجنة النيابية صوتت بالموافقة على المشروع، بحيث يتم إلغاء الحد الأعلى لمعاشات التقاعد، واحتساب المعاش التقاعدي على أساس آخر مكافأة خاضعة لاستقطاع الاشتراك عند انتهاء العضوية، إضافة إلى إلغاء قيد الحد الأقصى بعد زيادة الرواتب نتيجة الزيادة السنوية (طلعوا النواب والشوريين عندهم زيادة سنوية.. يا سلام).
كما يجيز مشروع القانون طلب ضم مدة افتراضية بحد أقصى سنتان إضافيتان، لتصبح أربع سنوات كاملة لمن أمضى مدة لا تقل عن سنتين في عضوية المجلس التشريعي.
أقول بأن الخبر مستفز ويفور الدماء في العروق، إذ في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من أزمة مالية، وفي الوقت الذي ينتظر فيه الناس تحرك النواب لتحسين أوضاعهم بالأخص رفع أجورهم، آخر ما ينقصنا أن يتراكض ويتهافت البرلمانيون على زيادة مزاياهم «وتعديل» مشاريعهم بحيث تحقق لهم المصلحة القصوى الممكنة.
بحثت في طيات الخبر عن الرافضين، فوجدت تصريحاً يثلج الصدر للنائب خالد الشاعر يقول فيه ما نقوله نحن أهل الصحافة، ويتفق تماماً مع نبض المواطن ومطالبه، معلناً رفضه لهذا المشروع.
انتظرت جلسة النواب، والحمد لله أن المشروع لم يمضِ، ووقف عدد من النواب «وقفة رجال» نشكرهم عليها، خاصة حينما تعرف عزيزي القارئ بأن المشروع ليس مقدماً من النواب، بل مقدماً من مجلس الشورى، وفي هذه المسألة تفصيل طويل، يجعلنا نوجه انتقاداً شديداً ولاذعاً لمن قبل به من أعضاء الشورى، ونقول لهم: «والله لا يصح الاستهانة بمشاعر الناس هكذا».
هنا سأسجل تحية لعدد من النواب الذين رفضوا المشروع في الجلسة، وعددهم قليل للأسف لا يتعدى السبعة، في حين امتنع خمسة عن التصويت ولا أدري لماذا، مع غياب خمسة آخرين، والغريب أن النائب الشاعر ناقض التصريح المنشور في الصحيفة بالموافقة!
النواب السبعة الذين وقفوا رافضين لهذا المشروع لأنه يأتي على حساب المواطن، ولأنه يأتي -إن مرر- ليزيد من الأعباء المالية على ميزانية الدولة «المنهكة أصلاً» هم النواب؛ فاطمة العصفور، محمد الأحمد، محمد المعرفي، محمد الجودر، محمد العمادي، عبدالحميد النجار وجمال بوحسن.
أوردت الأسماء بسبب وجوب أن يعرف الناس أداء نوابهم، في كل خطوة، وإزاء أي مقترح وأي مشروع، ليعرفوا من يقف معهم على طول الخط، ومن يتقلب يوماً معهم ويوماً عليهم، ويوماً يمتنع. وهذا عرف يجب أن نؤسسه اليوم بحيث يتابع الناس كل صغيرة وكبيرة تصدر عن نوابهم، وبحيث تكون الصحافة رقيباً لصيقاً بأدائهم. وأوردت الأسماء تقديراً وشكراً لهؤلاء النواب السبعة، ولبعض من غابوا إن كانوا سيقفون نفس الموقف.
أعود للشورى ومقترحهم وأسألهم «شالسالفة يا جماعة»، ألا تكفيكم سقوف رواتبكم (عفواً مكافآتكم) لتقترحوا مشروعاً يكون على حساب المواطن وميزانية الوطن؟! ألا تكفي مكافآت تقارب الخمسة آلاف دينار وربما تزيد مع البدلات وغيرها من المزايا؟! أتريدون أكثر؟! طيب ماذا عن المواطن الذي تمت إهانته على علاوات مثل الغلاء وغيرها حتى تمرر؟! ماذا عن المواطن الذي عانى لأجل تحسين دخله ووضعه؟! لماذا تقدمون مصلحتكم على الناس؟!
عزيزي القارئ، عزيزي المواطن، يجب أن تعلم بأن تمرير مثل هذا المشروع يعني بأن هناك من البرلمانيين، وكثير منهم في الشورى من وزراء سابقين ونواب سابقين ومسؤولين كبار لديهم رواتب تقاعدية، وبناء على التعديل سيتحصلون على رواتب تقاعدية مضافة تجعل سقف الراتب يتجاوز الأربعة آلاف دينار. فقط انتبه يا مواطن.
أما بالنسبة لأحد البنود المتعلقة بضم خدمة عامين لمن قضى عامين في العمل النيابي، وهنا نتحدث عن نواب الانتخابات التكميلية، فأنا شخصياً مؤيد لهذه المسألة لسبب بسيط جداً، وهو أن هؤلاء النواب الذين دخلوا الانتخابات التكميلية دخلوها في وقت أزمة البحرين، وليسدوا نقص المقاعد الذي تسبب بها قفز الوفاق إلى الدوار ومشاركتها في محاولة إسقاط النظام، هؤلاء وقفوا موقفاً وطنياً يشكرون عليه، بالتالي هذا أقل ما يمكن تحقيقه لهم.
لكن حتى في هذا البند الذي ندعو لتمريره (وهو أقل الضرر على الميزانية) نتمنى ألا يلعب أحد بذيله ويحاول أن يمارس «الفهلوة»، بحيث يؤسس عرفاً لبقية البرلمانيين بإمكانية شراء سنوات خدمة تمكن من قضى أربعة أعوام من الحصول على تقاعد ست سنوات!
فقط أقول وقد أكون أبالغ، لكن مع ما نراه من بعض الشوريين والنواب الذي يضعون الإحساس في المواطن آخر أولوياتهم أو خارج حسباتهم، توقعوا مالا يتوقع.