الأسبوع الماضي أطلقت إيران ثلاث قذائف صوتية تجاه الشقيقة الكبرى؛ الأولى أطلقها الرئيس الإيراني، الذي يبدو أن تسارع الأحداث في اليمن والموقف الضعيف الذي صارت فيه بلاده جعلاه يفقد أعصابه فيبتعد عن الدبلوماسية ويورط نفسه في تصريحات لا تخدم سياسته المعلنة. والثانية أطلقها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي. أما القذيفة الثالثة فأطلقها قائد قوات التعبئة في إيران العميد محمد رضا نقدي. وإذا كان «مبلوعا» ما قاله الأخيران بحكم أن منصبيهما أقل؛ فإن ما قاله روحاني فيه تجاوز لكثير من الأمور، خصوصا وأن إيران ليست طرفا -أو هكذا يفترض- في الحرب الدائرة في اليمن، وتطرح نفسها فقط على أنها تريد أن تساعد إنسانياً.
فحسب ما أوردته وكالات الأنباء فإن الرئيس الإيراني حسن روحاني وصف ما يدور في اليمن بـ «الحرب الغادرة من نظام حديث العهد يريد إثبات وجوده»، فقد قال في كلمة له السبت الماضي أوردتها وكالة أنباء «فارس» إن «تلك الدولة الجارة (يقصد المملكة العربية السعودية) وبدلاً عن تقديم المساعدة تقوم بإلقاء القنابل على رؤوس الشعب اليمني بطائرات اشترتها من دول كبرى..». وأضاف «إن نظاماً يجهل القضايا السياسية في المنطقة والعالم وحديث العهد بالسياسة وجاء بعد أعوام مديدة ليثبت وجوده، هذا النظام الذي كان يدير شؤونه دوماً بالدولار ولديه الكثير من السبل للتغلغل إلا أنه اختار السبيل العسكري، ويتصور أنه يمكنه استعراض عضلاته والإيحاء بأنه قوي وأن له تأثيراً في المنطقة، إلا أنهم بتصرفهم هذا قد ارتكبوا خطأ استراتيجياً كبيراً».
قذيفة ثقيلة تلك التي أطلقها روحاني تؤكد بالفعل أنه بدأ يفقد أعصابه وهو يرى أن بلاده لم تترجم وعودها للحوثيين إلى واقع، فعندما يتهم رئيس إيران الشقيقة الكبرى بأنها «تجهل القضايا السياسية» وأنها «حديثة عهد بالسياسة» وأنها تريد «استعراض عضلاتها» وأنها «ارتكبت خطأ استراتيجياً كبيراً»؛ فلا تفسير لهذا سوى أنه فقد أعصابه، لأن من يقول مثل هذا الكلام لا يمكن أن «يعلم القضايا السياسية» وليس «حديث عهد بالسياسة» و«يستعرض عضلاته» ويرتكب «خطأ استراتيجياً كبيراً».
أما القذيفة التي أطلقها علاء الدين بروجردي فتتلخص في قوله إن تداعيات الحملة باليمن «سترتد على الرياض في المستقبل»، وإن «السعودية هي الخاسرة الحقيقية في هذه اللعبة، ويبدو أن عليها أن تنتظر تداعيات هذا العمل المتهور وغير المدروس»، على ما أوردت وكالة «مهر» الإخبارية». وجاءت القذيفة الثالثة من قائد قوات التعبئة في إيران العميد محمد رضا نقدي الذي وصف النظام في السعودية بالعنصري، وقال إن «نهايته قد أصبحت قريبة وستكون على يد المستضعفين». والقذائف الثلاث عبارة عن تحذير للسعودية لا يستبعد أنهم يمهدون بها للقيام بعمل ما، يظل متوقعاً، خصوصاً بعد الموقف الذي صارت فيه إيران حيث لا تستطيع أن تفي بوعودها للحوثيين الذين من الطبيعي أنهم يضغطون عليها ويطالبونها بالتوقف عن بيع الكلام «المأكول خيره» ومساعدتهم في حربهم الخاسرة.
المثير هو أنه مقابل كل هذه القذائف الصوتية التي تطلقها إيران وحزب الله والنظام السوري ومن يكرر قولهم من الفضائيات السوسة مثل «العالم» و«المنار» و«الميادين» وغيرها لم ترد السعودية عليها، فقد آثرت الصمت ومواصلة العمل لتحقيق الأهداف التي أعلنتها قبل بدء عاصفة الحزم، وهو ما يقهر كل مطلقي القذائف الصوتية الذين يتوقعون أن يرد على كلامهم بكلام.
السعودية قادت تحالفاً عربياً ضد الحوثيين الذين استولوا على السلطة في اليمن دعماً للشرعية الممثلة بالرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي الذي طلب المساعدة من جار يتأثر بالضرورة بما يجري في اليمن ويؤثر على أمنه واستقراره واستقرار المنطقة برمتها.