حينما توحد العرب وحينما وجه قادة الخليج العربي رسالة صريحة لأي طامع من خلال عملية الحزم
في اليمن



قلناها سابقاً مراراً ونعيد اليوم توثيقها بقوة، إذ حينما يجتمع العرب على كلمة واحدة، وحينما يفعل قادة مجلس التعاون الخليجي وحدتهم ويعبرون عن موقفهم الواحد بقوة وحزم، فإن العالم وقواه المختلفة لا يملك إلا أن يتعاطى إيجاباً مع ذلك.
نقول ذلك وكلنا ثقة، باعتبار أن زمن الحروب والغزو الصريح والتمدد الغربي العسكري القسري، كلها أدوات عفا عليها الزمن، ولا تصلح اليوم للاستخدام دون أن ينتفض العالم ويتحرك بقوة، وعليه كان اللجوء لأساليب الحرب الباردة وحتى عمليات التجسس المتطورة، والتي وصل مستواها لدرجة التجسس على رؤساء دول من قبل مخابرات الولايات المتحدة الأمريكية.
حينما توحد العرب وحينما وجه قادة الخليج العربي رسالة صريحة لأي طامع من خلال عملية الحزم في اليمن، كان أمل الطوابير الخامسة، وكان أمل إيران نفسها ومن يواليها، بأن تتحرك الولايات المتحدة بأسلوبها العنتري لتوقف حراك دول الخليج، لكن العكس حصل، كانت المسارعة من الجانب الأمريكي لإعلان الدعم والتأييد السريع.
بسبب هذا الموقف الخليجي القوي بسبب صرامة التصريحات الخليجية وموقف القادة مجتمعين، كان انعقاد اجتماع مثل الذي حصل في «كامب ديفيد» أمراً عادياً جداً بل متوقعاً.
رسائل الولايات المتحدة في الاجتماع واضحة تماماً الدعم والتأييد التام لدول الخليج، والتصدي لإيران ومطامعها، والقبول بكل شيء قاله قادة دول الخليج العربي واعتبروه منهاج عمل لهم في شأن الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. وهنا نقول طبعاً على أمريكا أن تؤيد إذ أصلاً دول الخليج العربي لم تتحرك فيما تحركت فيه بعد «ضوء أخضر» أمريكي، ولم تجلس على طاولة «كامب ديفيد» لتأخذ صكوك مباركة أمريكية، بل على العكس جلست بملء إرادتها وملبية لدعوة حثيثة من الأمريكان، وقالت ما لديها، وأوضحت توجهها وبينت حراكها، وفقط. نعم، وفقط، لا نحتاج لأن يهز أوباما رأسه موافقاً، ولا لجون كيري وهو يقترح ويطلب، بل اليوم عليكم الاستماع ومعرفة أين تقفون مما يحصل.
إن كان الغرب تعامل مع طيبة أهل الخليج ووضوحهم وشفافيتهم ومرونة قادتهم وحبهم للسلام والخير، إن كان الغرب تعامل في السابق مع هذه الأمور بنوايا غير نظيفة، أو بتفسير خاطئ، فإن عليه اليوم تعديل بوصلته، عليه أن يستوعب بأنه يواجه قوة ستتعبه وربما تحرق مخططاته، فأهل الخليج والعرب إن توحدوا فإن عملية اختراقهم مسألة صعبة جداً، والغرب يدرك ذلك تماماً وإلا لما ابتكر أسلوب «فرق تسد».
اجتماع «كامب ديفيد» لا نراه إلا استعراض قوة مشروع لدول الخليج العربي، ليس سوى إثبات للهوية وتأكيد للثبات باسم العروبة كلها أمام أي مطامع تسيء لهذا الكيان.
نعم نعلم بأن أمريكا أقوى قوة في العالم، لكن هذا لا يعني أن يقف أمامها الناس وكأنهم صغار، وأن تنصاع لهم الدول ولرغباتهم على حسابها، بل المعادلة تقول بأنه حتى القوي يمكن تحطيمه إن اجتمع أمامه عدد من الأقوياء متبايني القدرات، فبوحدتهم يشكلون قوة تضاهي أكبر قوة.
نتمنى أن يكون أوباما قد وعى الدرس، وهو أصلاً على قرابة شهور من مغادرته البيت الأبيض، لعله يوصل الرسالة لمن سيعقبه، أو يكتب في توصية بأن دول الخليج العربي دول لا ينفع معها إلا التعاطي النظيف القائم على الشفافية، وأن من يلعب بذيله معها بهدف تحقيق أطماعه، لن يتحصل إلا على ما يسوؤه، ولكم في عاصفة الحزم خير مثال.