حين يفــرغ الخطاب من مقومات المنطق يتحول إلى غثاء، والخطاب الصادر من إيران، سواء جاء من وليه أو من خادمه اللبناني، لا يعدو أن يكون مصدراً من مصادر التسلية للشعوب العربية الآن ومادة دسمة للاستهزاء والتعليق بعد أن خلا من مقومات المنطق وابتعد عن معطيات الواقع، فكثرت البرامج الترفيهية التي تتخذ من هذه الخطابات مادة للتسلية حتى أصبحت تنافس برامج المسابقات «أراب آيدول» في شعبيتها وانتشارها.
بعد أن كان خطاباً لسيد المقاومة تجتمع لاستماعه الأمة العربية أصبحت خطبه وخطب وليه الفقيه مصدراً من مصادر التسلية للشعوب العربية، وحين ينتهي موسم «أراب آيدول» فلا نجد ما يسلينا بين الفينة والأخرى سوى خطب سيد «الصواويخ» كبديل عن خطاب المطربة أحلام التي تشغلنا «بسوالفها»، أصبحنا لا نفرق بين «أبي كنتاكي كيفي» مع «أبي أدعم شعب البحرين المظلوم كيفي» أصبح مدح صاحب الصواويخ «بالمقاومة البحرينية» لا يختلف عندنا عن «برااافو برااافو برااافو» لراغب علامة في «إكس فاكتور»، أصبحت هذه الخطب مصدر إلهام لفناني الكوميديا ومصدراً من مصادر المؤشرات السياسية التي نستقي منها مؤشرات هزائمهم المتكررة ونرى آثار تلك الهزائم بداية على نكوص الأجنحة السياسية والأجنحة الإعلامية بعد أن تخلى العالم وأولهم أمريكا عن الأجنحة الإرهابية التي كانوا يحتمون بها.
فمن كان مصدقاً لهذا الخطاب أو مازال يعتقد بسيادة صاحب «الصواويخ» للمقاومة أو إن كان بيننا عربي سواء كان يحمل جواز سفر بحرينياً أو يمنياً ممن سماهم الإيراني «بالمظلومين» يصدق ويعتقد أنه مظلوم قياساً بالشعب الإيراني ويرى المواطن الإيراني ينعم بالرفاه والعدل ويصدق أن شيعة لبنان من أسعد شعوب العالم تحت ظل سماحتهما، فالباب الشرقي مفتوح على مصراعيه يسع قافلة من الجمال لا جملاً واحداً فقط، وقم لا تبعد عنا سوى بضع ساعات، والحمد لله «طيران الخليج» لم تقصر فتحت لنا خطاً مباشراً مع النجف ومن هناك إلى قم وعليكم «ألف عافية» ما ستلقونه من «ترحاب» يليق بالخدم، كل ما عليكم هو توفير ما تسدون به رمقكم فقوتكم هناك غالي الثمن خاصة أن كيلو اللحم بستة دنانير!!
شيعة العرب معززون مكرمون في أوطانهم مواطنون وسيبقون مواطنين كأي مواطن من أي طائفة أخرى تلك الدعوة ليست لهم، أما جماعة الولي الفقيه أي الخدم من العرب الذين ارتضوا هذه المكانة المزرية بعد أن جردتهم إيران من كرامتهم ومن هويتهم وخلعتهم من جذورهم ففقدوا الانتماء ومدوا أفرعهم إلى قم معتقدين أن لهم مكاناً هناك، وحدهم الذين يسمعون ذلك الهراء فيتبعون أحسنه، وحدهم من يضعون القنوات التلفزيونية الإيرانية والقنوات الشيعية على رأس القنوات الفضائية فلا يشاهدون غيرها، وحدهم الذين يتابعون خطب وليهم ووكيله اللبناني بانبهار مصدقين أن كلامهما وحي يوحى.
فلا يرون سوءة هذا النظام ويشيحون بوجوههم عن جرائمه في إيران وجرائمه في العراق وجرائمه في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والسعودية وأذربيجان ولا يرون ظلماً ولا قمعاً ولا يريدون أن يصدقوا أن المعارضين هناك يعلقون في الرافعات في الشوارع العامة أمام أطفالهم وأسرهم، ولم يسمعوا عن الانتفاضة الخضراء ولا عن انتفاضة عرب الأحواز ولا عن انتفاضة كردستان أو انتفاضة أذربيجان، فكل هؤلاء الإيرانيين المنتفضين كفار بالنعمة.
هذه العقلية وحدها المعنية بخطاب خامنئي وخطاب نصرالله، أما الشعوب العربية بشيعتهم وسنتهم فتلك الخطب أصبحت مادة للتندر لهم ومادة مسلية ومصدراً غنياً بالفكاهة والسخرية، وعاصفة الحزم جعلتنا نسمع تلك الخطب باسترخاء تام، لهذا يزيد الخطاب الإيراني من غثائه ويزيد من هرائه ويشتد حين تشتد القبضة الأمنية البحرينية على طاقم الخدم البحريني من «المظلومين» ويشتد مع ضربات التحالف على طاقم الخدم اليمني.
الحمد لله الحمد لله الحمد لله الذي بلغنا هذا اليوم وشهدناه في أعمارنا، إن وعد الله حق حين قال جل جلاله «إن الباطل كان زهوقاً» صدق الله العظيم.