الرسالة التي وجهها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله السبت الماضي إلى «الشعب البحريني» عبر فضائية المنار، وبثتها على الهواء مباشرة الفضائيات الإيرانية وتوابعها، كانت رسالة تحريض بامتياز، ملخصها «سيروا ونحن من ورائكم.. واصلوا الحراك واصبروا فالنصر لكم وهو آت لا محالة»، وتفاصيلها امتلأت بمعلومات استقاها من مصدر واحد يثق فيه، فقدمها للعالم وكأنها حقائق لا تقبل المناقشة، ولم ينس أن يطمئن «شعبه» بقوله «إن الأفق يبقى مفتوحاً»، وهو ما يفهم منه أن الدعم سيستمر وأن تدخلا سيحدث في نهاية المطاف.. «فقط اصبروا وواصلوا المشوار».
ليست هذه المرة الأولى التي يمارس فيها نصر الله التحريض ضد البحرين والحكومة، وقد لا تكون الأخيرة، لكنه في كل الأحوال سلوك مرفوض ينبغي التخاطب بشأنه مع الحكومة اللبنانية وعدم قبول التبريرات التي تسوقها في كل مرة، فالتحريض أمر يختلف تماماً عن التعبير عن التعاطف مع طرف معين أو مجموعة ما أو موقف، فالتعبير عن التعاطف شيء والتحريض شيء مختلف تماماً ومرفوض.
بالتأكيد ليس في كلام نصر الله جديد، ولكن من لا يتردد عن التحريض بهذا الشكل لا يستبعد أن يضمن عباراته توجيهات معينة يفهمها من وجه إليه الرسالة، كما لا يستبعد حتى التبشير بموعد التدخل، لو كان ذلك قراراً، «انتصاراً للقادة والعلماء والرموز» الذين طالب «شعب البحرين» بمواصلة الحراك وفاء لهم.
أيضاً كان لافتاً قول نصر الله «أقول لشعبنا المجاهد في البحرين»، فشعب البحرين الذي خاطبه بهذه الصيغة ليس شعبه، إلا إن كان يقصد فئة منه فيكون محقاً؛ لأن هذه الفئة ليست هي شعب البحرين.
الرسالة التي خص بها أمين عام حزب الله البحرين جاءت مليئة بعبارات التحريض، ما يوحي بأن القرار كان العمل على شحن الفئة المعنية كي لا تفتر فيتأخر تحقيق الحلم الذي لن يتحقق على أرض الواقع مهما فعلوا. يؤكد هذا ما قاله السيد على الخامنئي قبله بيوم واحد فقط بأن إيران آلت على نفسها دعم الشعوب المظلومة، واعتبر البحرين واحدة منها، قبل أن يلوح بالاستمرار في زعزعة أمن واستقرار المنطقة بقوله «إن لم يكن الخليج آمناً فسيكون غير آمن للجميع»، وهو تحريض وتهديد في آن.
هناك إذاً إحساس بأن الحراك يمكن أن يفتر، ولأن هذا سيؤثر سلباً على من يقف وراء القائمين به لذا صار لزاماً المسارعة بإعادة الشحن، وليس أقوى من أن يقوم بهذه العملية مرشد الثورة الإيرانية وأمين عام حزب الله، فهما الشخصيتان الأكثر تأثيراً في هذه الفئة التي لن تأخذ بكلامهما على أنه مجرد رأي أو نصيحة أو تصريح، ولكن على أنه توجيه وأمر لا يجوز التخاذل في تنفيذه. فطالما أن السيدين الخامنئي ونصر الله قالا اصبروا؛ فعليهم أن يصبروا، وطالما أنهما قالا واصلوا حراككم فلا مفر من التنفيذ؛ لأن التخاذل فيه ربما يعتبر مخالفة شرعية.
واضح إذاً أن هناك قراراً بإعادة شحن العامة كي يواصلوا حراكهم الذي من دونه لا يمكن لأولئك تحقيق أهدافهم وتوفر الفرصة للتدخل بطريقة أو بأخرى. يؤكد هذا أن الكلمات منتقاة ومباشرة «لا تتراجعوا، لا تيأسوا، لا تحبطوا، لا تتعبوا.. واصلوا سيركم، أنتم في المسار الصحيح، نضالكم مشرف، لا بد من التضحية، الأمر يحتاج إلى نفس طويل أنتم أهله، ثقوا بأنفسكم، كونوا أقوياء»، وغير هذه من عبارات ومفردات شاحنة دعمت بما هو ملخصه أن الحكومة هي التي تخاف منكم، وأنها لهذا شاركت في القمة الخليجية الأمريكية في كامب ديفيد!