يبدو أن هناك التباســاً فــي فهــم كلمــة «الأمن» بيننا وبين «حلفائنــا» الأمريكــان، لنتفق على المفهوم أولاً ومن ثم نصدق على عبـارة «ملتزمــون بأمــن حلفائنــا في الخليج» التي أكد عليها البيان.
حين وقعت أزمة 2011 في البحرين تعرضت الدولة إلى أكبر خطر أمني مر على تاريخها المعاصر، بل أكبر خطر أمني مر على المملكة العربية السعودية باعتبار سقوط البحرين في يد حوثي البحرين هو سقوطها في يد إيران، خطر أدى لدخول البحرين في معركة حرب عصابات وحرب شوارع مع جماعات إرهابية أدت إلى إصابة ألف من رجال الأمن ومقتل أكثر من 13 رجل أمن، في هذه الأوقات التي هي أشد خطراً على «الأمن» في دولة البحرين وقفت الولايات المتحدة الأمريكية موقفاً غير مشرف، وليتها تفرجت فقط ولم تتحرك، بل وقفت موقفاً لا يمكن إلا أن يوصف بالدنيء، لا يتوافق أبداً مع موقعها والتزامها الذي تدعي أنه كان موجوداً ولم يتغير!!
لا داعي لتكرار ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية منذ فبراير 2011، فقد كتبنا فيه الكثير وبإمكان سعادة السفير أن يستعين بطاقم مكتبه لتزويده بأرشيف مقالاتنا الحافل بالتعليقات على موقف دولته المخزي من أمن واستقرار البحرين.
للتذكير فقط، إننا لا نتحدث عن أمن «نظام» أو أمن «حكم»، نحن نتحدث عن أمن شعوب هذه المنطقة برمتها شعب البحرين وشعوب دول مجلس التعاون، نحن نتحدث عن مخاوف حقيقية من تلك الجماعات رأيناها في العراق قبل 2011 ونراها الآن في اليمن، فالبحرين نقطة ارتكاز مهمة إن هي سقطت في يد هذه الجماعات فإن أمن دول الخليج كله في خطر، فلا يخفى عليكم بعد البحرين عن منابع النفط في المملكة العربية السعودية.
لذا فإن تفسيركم للالتزام «بأمن» المنطقة وفق أحداث 2011 لا يتفق مع مفهومنا لهذا الأمن، لكم فهمكم الخاص المعاكس لفهمنا، لكم فهم يشكل خطراً علينا، لكم فهم يحدد أنواع المخاطر على أمننا بشكل يختلف عن محدداتنا، كنتم عوناً لأعدائنا، كنتم مقيدين لنا حين كانت السكين تغرس في ظهورنا، فعن أي التزام تتحدثون اليوم، وعن أي حلف تتكلمون؟
إننا كشعوب ومنذ 2011 أسقطناكم من الاعتبار كحليف بل ننظر إليكم كواحد من أهم المخاطر التي يجب علينا أن نتعامل معها بحذر تام، لم نعد نعتمد عليكم في حماية أمننا ونتمنى أن تتحلى القيادات التي زارتكم بشجاعة الموقف وتتوافق مع شعوبها في هذا الموقف وتكف عن المجاملة فما بعد الذي حدث يمكن أن نجامل.
شعوب منطقة الخليج لم تعد تثق بكم ولا تصدق أياً من الخطب والمجاملات التي حفلت بها تصريحات ومقالات المسؤولين الذين قالوا عن قمة كامب ديفيد إنها قمة «ناجحة»، فالنجاح عندنا له مقاييس مختلفة تبدأ بمؤشرات عدم الاعتماد عليكم إن رأيناها عرفنا أننا نجحنا في كامب ديفيد، وكل مؤشر يعود بنا لمربع المجاملات ومربع «الانبهار» بكم وبخطابكم وبوعودكم هو مؤشر فشل لكامب ديفيد وفشل لقيادات المنطقة.
تذكروا.. ما أسهل أن تكسب ثقة العربي، إنه يفتح لك بيته ويقدم لك كل ما عنده حتى لو بات جائعاً ويأمن لك ويثق بك مجاناً، لكن -وهنا ضعوا ألف سطر- إن لدغته مرة فإنه لن يأمن لك مرة أخرى مهما فعلت لتصحيح خطئك.. فثقة العربي آنية من الصعب جبرها إن كسرتها!!