سأطرح مشكلة أزلية هي غياب دور الوزراء الإعلامي في تعزيز الثقة بالأداء الحكومي من خلال تجربة خاصة.
أخبرت أربعة وزراء لحد الآن أنني سأخصص الأربعاء القادم في تلفزيون البحرين حلقة برنامج كلمة أخيرة لمناقشة أهم ملامح مشروع الميزانية، فكانت الدعوة ككرة النار تقاذفها الوزراء الواحد تلو الآخر، وإن كان الأمر مزاحاً إلا أن المشكلة حقيقية، فالتلفزيون البحريني يعاني فعلاً من شح ظهور الوزراء على شاشته ومخاطبة الناس بشكل مباشر.
وهذا يقودنا من جديد إلى الحديث عن دور الوزراء تحديداً في تعزيز الثقة بالأداء الحكومي، وهو دور مهم جداً لا غنى عنه بإمكانه أن يعزز الثقة لا بالحكومة فحسب، بل يعزز الثقة بالاقتصاد البحريني ككل وبمؤشرات التنمية ومؤشرات التصنيف الائتماني كذلك.
حضور الوزراء الإعلامي وتواصلهم على أكثر من وسيلة وبأكثر من وزير وحديثهم المباشر وشفافيتهم وثقتهم بما يسوقونه سواء كانت رؤية الحكومة أو برامجها التفصيلية، يعزز الثقة بالأداء العام للحكومة، وبالتالي يعزز الثقة بالاقتصاد بالسوق البحريني ككل والعكس صحيح، غيابهم وامتناعهم عن مخاطبة الناس يلقي بظلال الشك واهتزاز الثقة عليها. إن اعتقاد الوزراء الخاطئ بأن تأجيل مناقشة أي موضوع جدلي أو الامتناع عن مناقشته علناً سيقلل من الجدل وسيقلل من تداوله، هو اعتقاد خاطئ.
والاعتقاد بأن الآخرين سيقومون نيابة عنهم بمهمة شرح رؤية الحكومة، سواء كان الآخرون نواباً أو كتاباً أو إعلاميين أيضاً، هو اعتقاد خاطئ. كل تلك التوصيات والملاحظات قلناها سابقاً، إنما للأسف حتى اللحظة الدعوة الإعلامية تعامل عند الوزراء ككرة النار، كل يلقيها على الآخر، رغم أنها فرصة يوفرها التلفزيون كي تخاطب الحكومة الناس بشكل مباشر متجاوزة كل تجار التصفيق والعنتريات، ومع ذلك لا يعرف الوزراء كيف يستغلونها.
عموماً حلقة الأربعاء ستناقش المحاور التالية:
توقعات الحكومة في ما يخص بتنويع مصادر الدخل وزيادة نسبة مساهمة المصادر غير النفطية في الدخل القومي، أبحث عن مؤشراتها في تقديرات الحكومة لموارد الدولة في السنتين 2015 و2016.
هل سأجدها في زيادة متوقعة من زيادة في دخل السياحة؟ هل سأجدها في رسوم جديدة ستفرض على الشركات والبنوك؟ هل سأجدها في الرسوم على الخدمات الحكومية؟ هل سأجدها في التجارة في إعادة التصدير؟ هل موجودة في صناعات جديدة سينتهي العمل بها وستبدأ بضخ نسبتها في موارد الدولة؟ هل سأجدها من عوائد استثمارية لشركة ممتلكات؟ ..إلخ.
لقد قدمت الحكومة لنا برنامجاً من ثمانية أهداف أحدها كان تنوع مصادر الدخل، وحين طالبناها بمؤشرات قياس امتنعت عن تقديم مؤشرات تفصيلية واكتفت بتفاصيل عمومية ثم وعدتنا أن تقدمها ضمن الميزانية، لهذا نحن ننتظر من الحكومة أن تبين لنا أين هي المصادر الجديدة أو القديمة التي ستزيد من فعاليتها خلال العامين 2015 و2016 لتقلل نسبة اعتمادنا على النفط.
المحور الثاني الذي ستتناوله الحلقة؛ وهو المثار حالياً وبشدة ونقصد به موضوع إعادة توزيع الدعم، وسنبحث فيه عن رؤية الحكومة لأولويات الخطة، هل اللحم هو البداية؟ هل الوقود سيكون التالي؟ ولماذا البدء بالمواد الغذائية، وكم ستوفر الدولة من هذه الخطة، وهل حددت الفئات التي ستحميها من المؤثرات؟ هل حددت الزيادة المتوقعة في سعر المواد وبقية تفاصيل الخطة التي من المفروض أنها تملكها لإعادة التوزيع، وسنناقش مدى استعدادات وزاراتها ومؤسساتها وقاعدة البيانات لتطبيقها.
المحور الثالث الذي سأناقشه؛ هو خطة الحكومة لخفض الدين العام وملامح هذه الخطة، وكيف سنحمي الأجيال القادمة من هذا العبء.
المحور الرابع؛ هو استعراض توصيات السلطة التشريعية وتوصيات ديوان الرقابة المالية للحساب الختامي لعام 2014 «إن تمكنا من الحصول عليها»، حتى نتأكد بأن الحكومة راعت هذه التوصيات، أم أنها تجاهلتها في رسمها لمشروع الميزانية الجديدة.
أصحاب السعادة والمعالي السادة الوزراء أكثر من هكذا شفافية و«تغشيش» في الامتحان لن تجدوا، ولقد تعمدت كتابة هذا المقال كما هو واضح حتى أضع الكل أمام مسؤوليته وأبرئ الذمة عن الإعلام، فهذه الحلقة موجهة للمواطن البحريني، كي يعرف المواطن البحريني ما له وما عليه حين تقدم الحكومة مشروع الميزانية، فمن شاء تجاهل الناس فليتحمل مسؤولية قراره.