اليوم هو يوم الصورة ويوم الكلمة، اليوم هو يوم الإعلام وعصره؛ الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، ومن دون ذلك لا يمكن أن تظهر الحقيقة ولا يمكن أيضاً تزوير ما يمكن تزويره منها، فالإعلام هو سلاح العصر الحديث، ومن لا يملك هذا السلاح، فإنه وإن ملك نصف أسلحة العالم لن يخرج منتصراً من حرب الصورة والكلمة.
إن التسليم بهذه الفرضية أو النظرية الواقعية يجعلنا نعطي الإعلام بشكل عام الأولوية في مسائل التقدم وفي مسائل الانتصار كذلك، فالدول التي تعاني من ضعف في الوسائل الإعلامية لا تستطيع الترويج لأفكارها وقيمها وحتى لنفسها، فكيف يمكن أن تكون منتصرة في زمن الحرب الإعلامية الشرسة؟
هذه الفرضيات، تحتم علينا أن نتساءل عن مدى حضور الإعلام العربي في الساحة الدولية، وعن مدى فاعليته فضلاً عن جاهزيته التي لابد أن تكون بارزة في كل مفاصل الحياة العامة داخل الدول العربية. حين نشتكي من ضعف الإعلام، فإننا نشتكي من الحضور، ونشتكي من الانتصار، ونشتكي من العجز، في تقديم أنفسنا للعالم بالطريقة التي يجب أن تكون.
كل هذه التصورات العملاقة حول أهمية الإعلام ودوره في دخول بوابة العصر، يجعلنا نتساءل عن ماهية الغياب أو الغيبوبة الإعلامية العربية في داخل البيت العربي، وما هي المبررات التي جعلت العرب خارج التغطية الإعلامية؟ فالحضور العربي الرسمي للإعلام الهزيل عن الساحة الإعلامية الدولية، وحتى الإقليمية، جعل العرب لا يستشعرون أهمية الإعلام، ومدى فاعليته في تشكيل وعي المجتمعات وفي رسم المستقبل.
في ظل الكثافة الإعلامية العالمية وبمختلف أصنافها الكبيرة والكثيرة والمتنوعة لا يمكن أن نتقبل وضع الفضائيات العربية المتخلفة، الرسمية منها وغير الرسمية، فحساب واحد لأحد الأفراد في أحد مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون أكثر تأثيراً ومتابعة من كل الفضائيات الرسمية في الوطن العربي، وهذا دليل كافٍ على أن مجمل الدول العربية لم تدخل عصر «الميديا» حتى هذه اللحظة بالطريقة الصحيحة.
ربما لا نمتلك دراسات علمية وبحثية دقيقة فيما يخص مشاهدة الفضائيات أو قراءة المجلات والصحف المكتوبة في الوطن العربي، لكن بكل تأكيد، ومع وجود قنوات التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، سنجد أن هنالك عزوفاً شديداً من طرف المواطن العربي عن متابعة ما يجري في العالم عبر فضائيات رسمية نائمة، فحسابات «تويتر» اليوم ربما تغني عن كل الفضائيات العربية في غالب الأحيان.
يجب على الحكومات العربية أن تقوم بملاحقة العصر عبر أدواته والثورة على كل الوسائل التقليدية في الإعلام، كما عليها مراجعة ما بأيديها من وسائل إعلامية لا تصلح لهذا العصر لأجل الدخول إليه عبر بوابات الإعلام بكافة أشكاله وفرصه وتنوعاته.
اليوم، هو يوم الصورة، ويوم الكلمة، ويوم الحداثة الإعلامية، أما نشرات الأخبار الباردة في قنواتنا العربية، فإنها لا تستطيع أن تقوم بربع ما يقوم به أي إعلامي نشط في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، كما لا يمكنها أن تواكب هذا العصر الذي من المؤكد أنه ليس بعصر التلفاز التقليدي «والستلايت» الذي كان قبل عقد من الزمان أو أكثر نضعه فوق أسطح منازلنا، في عالم لا يعترف إلا بمن يملك «سلاح الإعلام» بمختلف وسائله الحديثة، وما دون هذه الحقيقة فإننا نتجه للخلف في الوقت الذي ينطلق فيه العالم كل العالم للأمام، والسبب، هو ذات السبب الذي يجعلنا خارج سياق الحضارة، وهو «عدم مواكبة التطور».