رفع الدعم عن اللحم أصبح الشغل الشاغل للمواطنين، وهو حديث الشارع البحريني اليوم الذي اعتبر أن هذا القرار هو الخطوة الأولى لمزيد من الخطوات لرفع الدعم من قبل الدولة، وسيكون المواطن هو الحلقة الأضعف والذي سيتضرر، لأن التعويض الذي سيأتيه كما هو في اللحم لن يكون إلا دنانير قليلة لا يمكن أن تسد الاحتياجات المتزايدة للحم، والذي بلاشك سيتم رفع الأسعار في السوق دون أي رقيب أو حسيب، وإن كانت هناك تطمينات من وزير المالية بأنه لن تتم زيادة الأسعار؛ إلا أن الواقع سيكون مختلفاً، وإن كانت الدولة ستوفر مبلغ 28 مليون دينار ولكن ليس على حساب المواطنين وإن كان كذلك يجب أن يتم التعويض مجزياً وليس دنانير بسيطة في الوقت الذي تستهلك الأسر أكثر بكثير من ذلك.
منذ صدور القرار برفع الدعم عن اللحم ومواقع التواصل الاجتماعي لم تهدأ وبدأت التعليقات تتوالى وتتناوله بنوع من «الفكاهة»، نحن لا نعارض إعادة توجيه الدعم لمستحقيه من المواطنين دون غيرهم؛ إلا أن الآلية في تنفيذ مثل هذا القرارات وما سيأتي بعدها يجب أن يكون مجزياً في التعويض وأن لا يتم التعويض بحفنة من الدنانير، حقيقة ما يصرف رب الأسرة أكثر بكثير من ذلك قبل رفع الدعم، فما بالكم بعده والذي شئناً أم أبينا سيتم رفع الأسعار في محلات بيع اللحوم والمطاعم لتصل إلى أضعاف مضاعفة، وهو ما سيجعل أفراد الأسرة يصرفون شهرياً أكثر من مبلغ الدعم المقرر لهم من الدولة، وبهذا كنا نتمنى أن يراعى مثل هذا الأمر عند وضع تلك الآلية من قبل الجهات المعنية بالدولة.
كما هو معروف أن مجلس النواب هو مجلس الشعب والذي يجب أن يتم من خلاله إقرار القوانين والتشريعات ومن المفترض أن مثل هذا القرار كان يجب أن يعرض عليهم لتتم مناقشة السبل الصحيحة في كيفية إيصال مبلغ الدعم بشكل أكبر للمواطنين، إلا أن النواب أكدوا أن القرار لم يتم عرضه عليهم، نعلم أن التحديات الاقتصادية كثيرة التي تمر بها المنطقة بأكملها، ونعلم أن ذلك يحكمه أسعار عالمية للنفط اضطرت معها الدولة لتخفيض الانفاق، ولكن المواطن لا ذنب له في أن يتم اتخاذ خطوة مثل رفع الدعم عنه بشكل مفاجئ للحم أو غيره دون تهيئته لهكذا قرار سيؤدي إلى تخفيف العبء على الميزانية ويقلل من العجز أو اللجوء إلى الاقتراض، ومعيار 5 دنانير أو أقل منه ليصل إلى 2.5 دينار للأطفال لا تسد الرمق!
قرأنا في خبر اجتماع لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى مع وزير المالية أن ميزانية علاوة الغلاء ستشهد انخفاضاً في العام 2016، وهذا أيضاً يعطي مؤشراً بأن الدولة ستتدرج في اتخاذ الإجراءات للتوفير من الميزانية وتقليل المصروفات، وهذا ما نعيد ونؤكد عليه بأن هذا يتطلب تعويضاً ماليا للمواطنين يكون مجزياً يتناسب وارتفاع الأسعار، وأن يتم اطلاع المواطنين وتوعيتهم بأي قرارات مثل هذه لا أن ينصدم الناس ونرى الأسعار ترتفع، وهو ما يجب على وزارة الصناعة والتجارة العمل بشكل جدي على ضبطه ومراقبته، وأن تتم محاسبة من يقوم برفعها على المواطنين بعد رفع الدعم عن اللحوم وهذا يأتي في ظل ما أكد عليه وزير المالية.
حقيقة كان من المفترض على الدولة أن تتوجه لتنويع مصادر الدخل والبحث عن مصادر تمويل جديدة إلى جانب إعادة تقييم مصادر التمويل الحالية والعمل على زيادة، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، وندعو أن يتم ضبط الفساد في العديد من الجهات التي رصدها تقرير ديوان الرقابة الإدارية والمالية، والتي تصل إلى مئات الآلاف والملايين من الدنانير، والتي لو أصبحت هناك رقابة ومحاسبة لما وصلنا إلى العجز الحالي في الميزانية والتلويح بالاقتراض لسد هذا العجز أو رفع الدعم الحكومي، وبالتالي يكون المواطن هو الحلقة الأضعف كما هو في اللحم اليوم وغيره في المستقبل من سلع سيتم رفع الدعم عنها.
- همسة..
لابد من صياغة مشروع بقانون متكامل لإعادة توجيه الدعم ليتم إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته وإجراء التعديلات عليه ثم يخرج بالتوافق بين الجميع لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.