تلقيت مثل غيري من المواطنين خبر القرار الحكومي برفع الدعم عن اللحوم كالفاجعة، ولأننا أصبحنا نكره مفردة «الثورة» امتنعت أن أسمي مقالي اليوم «بثورة اللحم» على غرار «ثورة الخبز»، والتي لا أظن أن أي قارئ يجهلها، حيث إن المساس بأي مكتسب للشعب البحريني هو خط أحمر، فالقيادة الرشيدة لطالما طالبت بإعطاء المزيد من المكتسبات لشعبها ولم توص قط بسحب هذه المكتسبات، فكيف تم إقرار رفع الدعم عن «اللحوم»؟! وهل هذا القرار مجرد بالون اختبار للرأي العام؟!
يعلل وزير المالية بأن هذا القرار الحكومي في صالح الجميع، وأن رفع الدعم عن «اللحوم البيضاء والحمراء» يوفر 28 مليوناً، ويضمن أن يوجه الدعم للمواطنين فقط.
عن نفسي أنا مع فرض الضرائب على الأجانب، وقد كتبت مراراً وتكراراً عن وجوب فرض ضرائب على الأجانب بدءاً من التعليم ومروراً بالمواد الغذائية المدعومة وانتهاء بدعم الكهرباء والماء، لكن هذا لا يعني أن يتحمل المواطن البحريني على عاتقه أي عبء..
هناك ألف طريقة وطريقة لتوجيه الدعم للمواطنين فقط؛ فالبطاقات التمونية المنشرة في العالم من الممكن أن تكون أحد الحلول حيث لا يتأثر فيها المواطن، وهو أن يحمل أي مواطن بطاقة تموين للحصول على السلع المدعومة. أما أن يعطى المواطن في يده «5 دنانير» وبضوابط غريبة، فهذه قمة اللامعقول فعلاً..
ناهيك عن التمييز بين الرجل والمرأة والطفل في مبلغ الدعم، فلماذا يعطى الرجل 5 دنانير بينما تعطى المرأة 3.5 دينار مثلاً؟ ولماذا من هم أقل من 15 عاماً يحصلون على دينارين ونصف؟ أتخيل مثلاً لو أن عائلة بحرينية عادية وقفت أمام كفتيريا لطلب «الشاورما»، وكانت هذه العائلة تتكون من 5 أفراد «زوج وزوجة وبنت عمرها 13 سنة وولد عمره 14 وآخر عمره 15 سنة»؛ فكيف سيكون الطلب؟! 2 شاورما للزوج و1 شاورما للزوجة، ونصف شاورما للبنت، ونصف شاورما للولد الأصغر، أما الكبير فبإمكانه أن يطلب 2 من سندويش الشاورما أسوة بأبيه.. والله مهزلة!
ناهيكم عن العديد من الاستفسارات التي تحوم في مخيلتي مثل؛ ما هو حجم تأثر باقي السلعة بارتفاع أسعار اللحوم؟ لاسيما أن رمضان على الأبواب؟ ولاسيما أن تجار البحرين يتقنون فنون الغلاء، وهل ستشهد البحرين رفعاً للدعم عن الطحين والسكر والزيت؟ لاسيما أن أكبر جنسية في البحرين هي الهندية وبعضهم تحرم عليهم دياناتهم تناول اللحوم أصلاً؟ بينما يتناول معظمهم الجباتي والسمبوسة!
أما نحن المواطنون فلا نملك إلا حلاً واحداً؛ لن نغضب ولن نثور ولن نستجدي بمجلس الشعب الذي لم يؤخذ رأيه حول قرار رفع الدعم أصلاً، والحل هو أننا «سنرخص قيمة اللحوم عن طريق تركها»، حيث إنه عندما اشتكى المؤمنون لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه غلاء اللحم قال لهم «أرخصوه»، فلما سألوه كيف؟ أجابهم «أرخصوه بالترك»..
ونحن بالتالي سنتركه لهم، فليتلذذ التجار بأكل اللحم، أما الشعب «مو لازم ياكل لحم ولا دجاج»، وعن نفسي كنت أظن أنه بعد أزمة اللحوم في البحرين أن تقوم الحكومة بالاهتمام بجودة اللحوم وليس رفع سعرها.
ولا داعي للقلق عزيزي المواطن فهناك أسواق خليجية أخرى قريبة ومفتوحة وأسعارها منطقية، وجودتها رائعة حيث إنها «تهتم حتى بتدليل أبقارها» لإيمانها بأنك متى ما أسرفت في تدليل أبقارك فستعطيك زبدة وحليباً أكثر، فلنستعين بها إذا ما اشتهينا أكل اللحوم والدجاج..
وبما أن رمضان على الأبواب وقد اشتهر «سابقاً» بالثريد والهريس.. فكل عام وثريدكم وهريسكم دون «لحم»!