رغم كل الإدانات التي قامت بها وسائل الإعلام الرسمية البحرينية والسعودية لحادثة القديح، رغم كل الإدانات التي قامت بها بشكل مباشر وبمبادرات ذاتية أقلام خليجية بحرينية وسعودية لهذه الجريمة النكراء دونما النظر إلى مذهب الضحية أو مذهب القاتل، كما فعلت في جرائم إرهابية مشابهة كما حدث في الدالوة سابقاً، إلا أنها لم تفلح في استصدار إدانة واحدة بالمقابل لأي حادث راح ضحيته «سنة» وجرى في أي موقع من مواقع العالم على كثرتها، سواء تلك التي وقعت في البحرين أو في العراق أو في سوريا أو حتى التي تجري في إيران، وهي معروفة ومنقولة صوتاً وصورة ومنتشرة وبعضها على بعد عدة أمتار من الوسيلة الإعلامية، إلا أن الذراع الإعلامي لمجموعة الانقلاب البحرينية لم ينطق بكلمة واحدة، ولا بحرف واحد، لم ينقل صورة ولا خبراً ولا مقالاً ولم يرسل طاقمه الصحافي لتغطية الأخبار.
البعض لام تلك الأقلام ولام الوسائل الإعلامية الرسمية ولام المسؤولين الذي عبروا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رفضهم واستنكارهم لتلك الأعمال الإجرامية، لأنهم لم يجدوا المقابل المتساوي، أنا شخصياً وصلتني رسائل عتاب كثيرة تذكرني بالعديد من الحوادث التي راح ضحيتها سنة سواء في البحرين أو في سوريا أو العراق، يسألون أين كان تعاطفهم؟ أين ألمهم؟ أين إحساسهم بنا؟ يسألون لماذا «تبالغون» في إبداء التعاطف «معهم» ولم نر منهم أي تعاطف تجاه أي من ضحايانا؟
أولاً الموقف من الإرهاب مبدئي لا ينتظر المقابل، إنما الملاحظ أنه في الجماعات السنية ترى هبة جماعية، العقل الجمعي يتحرك بتلقائية ضد التطرف وهو تطرف موجود لا يمكن إخفاؤه، لكنني أرصد رد الفعل، فتجد أصواتاً تتصدى له وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية، إن عددت لي فلان وفلان متطرف من السنة وذكرت أنه قال وفعل، عددت لك ردود الأفعال التي تصدت له لكثرتها ولوضوحها، لكنك ترى صمتاً بالمقابل تجاه التطرف الشيعي خطاباً أو أفعالاً، وصمتاً تجاه الإرهاب الشيعي خطاباً أو أفعالاً، وهو تطرف موجود لا يمكن إنكاره في البحرين وفي السعودية وفي إيران وفي العراق، لكنك ترى تمنعاً عن التصدي له من قبل الأجنحة الإعلامية المحسوبة على الشيعة فيترك الصوت ليتسع ويحرض ويجيش حتى يصبح التعميم جائزاً على الجماعة.
حقيقة يوجه هذا السؤال لا إلى الجماعات الشيعية كجماعات، بل يوجه لإعلام يمثلهم، لصحف، لحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لأشخاص محسوبين على الكتاب والمثقفين والأكاديميين من الطائفة الكريمة، أين «الصوت» الشيعي الجريء منهم، أين الصوت الذي يوثق أخطاء التطرف في الجماعة ويحاسبها ويتبرأ من أفعالها ويقف مع المبدأ بغض النظر عن لون وجنس ودين الضحية، إنهم ذات الأشخاص المعدودين على الأصابع منذ بداية الأزمة ولم يزيدوا، بل بالعكس تمادى إعلامهم في الانحياز الطائفي المطلق والفاقع والمستفز، وبإصرار يتمادى في التعاطي المتعاطف مع الضحايا الشيعة فقط أينما كانوا، ويتجاهل تماماً الضحايا السنة حتى وهم قريبون منه، إنه يتحمل مسؤولية كبيرة في زيادة سمك الجدار العازل.
سنقطع مسافات ضوئية في هدم جدار العزل بين الشيعة والسنة، حين يأخذ كل منا على يد الظالم منه، فمنا ومنكم متطرفون، أخذنا على يد متطرفينا فهل أخذتم على يد متطرفيكم؟
ملاحظة:
عدا عن ردود الشتم والسب من بعض الحسابات المحسوبة على «شيعة» في «التويتر» تجاه مقال «المفتاح» الذي أدنت فيه الجريمة التي حدثت في القديح، سألني أحدهم لماذا لم تقولي «شهداء» القديح وقلت «قتلى» القديح؟ لست هنا لأرد على هذا التصيد إنما لأبحث عن مقال من كتاب شيعة كرام ومثقفين وأكاديميين ترحموا فيه على الضحايا السنة وسأقبل أن يسموهم قتلى لا شهداء.