في الأيام الماضية بثت وسائل الإعلام السعودية خبراً مفاده أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية وولي العهد السعودي بمحاسبة كل من شارك وخطط ودعم أو تعاطف مع التفجير الانتحاري الذي وقع مؤخراً في جامع القديح بمدينة القطيف، وجاء في نص البرقية التي بعثها العاهل السعودي لولي عهده: «كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يوماً عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم».
تحذير العاهل السعودي يشمل كل من يحرض على الإرهاب أو يدعو إلى التطرف الديني؛ سواء كان المحرض من الجماعات الإرهابية أو الأفراد، ولا يستثني من ذلك مشايخ الدين معتلي منبر الجمعة.
قرار خادم الحرمين الشريفين واضح وصريح، ورغم ذلك فقد تفضل وكيل وزارة الشؤون الإسلامية السعودي الدكتور توفيق السديري بمزيد من الإيضاح حين قال: «القرار يترجم من قبل وزارة الشؤون الإسلامية عبر برامجها الدعوية وعلى مستوى منابر الجمعة سواء عبر ما يوجه به الخطباء من دعوة لترسيخ الوسطية وتجريم الشحن الطائفي، أو عبر محاسبة من يخالف هذه السياسة وهذا التوجه من قبل منسوبيها عبر آلية منضبطة ودقيقة، داعياً كافة المشاركين في المنابر الدعوية والإعلامية من طلبة العلم الالتزام بهذا المنهج، والسعودية منذ قرون ومنابرها الدعوية ليست مكاناً لتصفية الحسابات وبث الرسائل المؤدلجة التي تحرك بأيد خارجية تهدف إلى زعزعة أمن الوطن وشق لحمة أبنائه».
ويشمل تحذير العاهل السعودي كذلك جميع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، ووسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها ومواقع الإنترنت، أو تداول مضامينها بأي صورة كانت، أو استخدام شعارات هذه الجماعات والتيارات، أو أي رموز تدل على تأييدها أو التعاطف معها، والتبرع أو الدعم سواء كان نقدياً أو عينياً للمنظمات أو التيارات أو الجماعات الإرهابية أو المتطرفة أو إيواء من ينتمي لها أو يروج لها داخل السعودية أو خارجها، كذلك الاتصال أو التواصل مع أي من الجماعات أو التيارات أو الأفراد المعادين للسعودية.
ولمزيد من التوضيح وعن آليات العقاب للمحرضين على المنابر، قال السديري: «إن الداعية والخطيب يمثل وظيفة شرعية لها آدابها وشروطها وواجباتها مما يحتم على منسوبيها الالتزام بذلك سواء أكان على منبره الدعوي أو في وسائل الإعلام وكذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره ممثلاً لوظيفته الشرعية التي تحتم عليه الالتزام بآدابها». «انتهى الخبر»
طبعاً عزيزي القارئ، لست أريد من نقل الخبر إغاظتك أو أن تشعر بالحسرة حين تقارن بين هنا وهناك، كل ما أردته من هذا الخبر هو أمران مهمان:
الأول؛ أن محاربة الإرهاب تبدأ عبر المنابر الدينية، فهي رأس الفتنة والمبعث الرئيس لانتشار المتطرفين وممارسة العنف كجزء من منتج الغلو المذهبي الطائفي، والأخطر حين يتحدى صاحب المنبر القانون ويتغزل في الإرهابين بكل المقاييس!!
هل ذكرتك عزيزي القارئ بشيء أو بحادثة معينة، أو حتى قول محدد؟
مثلك يعرف أن أبواق التحريض على العنف متخمة بعشرات الحيل الشيطانية، حتى لو تغيرت الأسماء والأشكال لدواعٍ «مرضية»، إلا أنها مستمرة، وفي كل جمعة تخرج علينا و«تتفاضل» أبواق الفتنة والتحريض لتبث السموم!!
الثاني؛ يجب أن تتأكد من أن القضاء على التطرف والإرهاب لا يتحقق بضربة حظ، وإنما إرادة وإصرار يستندان إلى عصا القانون، وعليه فإن التأخير في تطبيق قانون الإرهاب على كل مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف أو من هو على اتصال أو تواصل مع أي من الجماعات أو التيارات أو الأفراد المعادين للدولة كـ«حزب الله»، سيجعلنا أمام «قدر أسود» لا فكاك ولا مهرب منه، وسيفاقم من أعمال الإرهاب ويجعل الإرهابيين ينتشرون في المجتمع كانتشار النار في الهشيم.