إيران لا تأبه اليوم بتطوير سلاحها الجوي ولا ترسانتها العسكرية، ولا تأبه حتى أن ترسل جيوشاً لنجدة الحوثيين في اليمن، فآمالها أكبر من هذا التسلح التقليدي، والذي لا يساوي حتى 100 تحت الصفر أمام سلاح نووي فتاك تسعى لامتلاكه، فهي تريد أن يكون تحت يدها قنبلة «الولد الصغير» التي قصفت بها الولايات المتحدة مدينة هيروشيما، وقنبلة «الرجل البدين» التي أطلقتها على نجازاكي حتى يكون الضحايا بالملايين.
وها هو رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، الذي لم ولن تضره إيران لا بضربة قشة ولا حتى بنص ركلة، يحذر من امتلاك إيران للسلاح النووي، وقال إنه سيشكل «أخطر تهديداً لنا جميعاً»، داعياً إلى تفكيك برنامجها النووي، كما قال إن إيران تحاول الآن التوصل لاتفاق عن طريق الخداع، وإن برنامج ايران النووي أعظم من خطر المسلحين الإسلاميين في العراق وسوريا، حيث تشن الولايات المتحدة وحلفاؤها ضدهم هجمات جوية، وأضاف أيضاً «إن هزيمة تنظيم داعش في العراق والشام وترك إيران على أعتاب امتلاك القوى النووية هو بمثابة ربح معركة وخسارة الحرب».
على العرب أن يأخذوا هذا التحذير بجدية وإن كان من عدوهم، فما قاله نتنياهو صحيح مائة بالمائة، وإن مشاغلة اليوم الدول العربية بالحرب على داعش ما هو إلا استنزاف لقدراتها العسكرية والاقتصادية وكسب وقت ومقايضة بين خطر داعش وبين السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ولذلك صنعوا «داعش» لتلهو به الدول العربية وصنعوا الحوثيين لمشاغبتهم على جبهة أخرى، فإذاً خطر النووي الإيراني أكبر من خطر داعش.
أما أسلوب التخدير الأمريكي فهو ما جاء في بيان قمة كامب ديفيد «إن أي اتفاق شفاف وملزم حول نووي إيران يجب أن يعزز أمن المنطقة»، في الوقت الذي يعلن وزير الخارجية الأمريكي في أبريل 2015 عن تفاؤله حيث قال «إن اتفاق نووي إيراني بات قريباً، وإن القوى الكبرى أكثر قرباً الآن من أي وقت مضى من اتفاق مع إيران، وأن العالم سيكون بأكمله أكثر أماناً بعدها، وأن ما تبقى فقط هو الاتفاق حول حجم الترسانة النووية والجدول الزمني لرفع القوى العظمى العقوبات عن إيران، وأن من المقرر أن تقلص إيران برنامجها النووي لمدة عشرة أعوام إلى 15 عاماً أو أكثر».
فهل هناك أكبر من هذا الخداع عندما يكون الاتفاق فقط عن تقليص الترسانة الإيرانية النووية وترك المدة مفتوحة لـ «15 عاماً أو أكثر»؟ ثم كم قنبلة ستصنع خلال هذه الفترة؟ وأي أمان بعدها يكون حين تمتلك إيران «الولد الصغير» و«الرجل البدين»؟ وهي اليوم بسلاح جوي متهالك وجنود مهزومين نفسياً يقتلون الملايين من المسلمين، أم أن الأمان الذي تقصده أمريكا هو أن إيران ستتولى إبادة «المسلمين» كلياً وأبدياً؟ ثم أين هذا التصريح مع بيان ختام قمة كامب ديفيد الذي يقول «إن أي اتفاق شفاف وملزم حول نووي إيران يجب أن يعزز أمن المنطقة»، هذا البيان الذي ليس له في الأصل معنى مفهوم ولا حتى مغزى معلوم، ولا يؤدي إلى أي نتيجة لا شفافة ولا عتمة؟
وجاء أيضاً في البيان الختامي لقمة كامب ديفيد «أكد أوباما التزام واشنطن بتسريع نقل الأسلحة إلى دول الخليج، وتعزيز الدفاعات الخليجية ببناء نظام إنذار مبكر فضلاً عن تعهد واشنطن ببناء قدرات صاروخية بالمنطقة»، نقول هل ينفع الإنذار المبكر عندما تقوم إيران بتفريغ مفاعلها النووي في مياه الخليج؟ وهل ينفع الإنذار المبكر عندما تطلق إيران قنابلها النووية على الخليج؟ فهل في تلك ساعة مفر من هذا السلاح الفتاك الذي تسيح منه العظام ويموت في لحظة واحدة ملايين البشر؟ أم هل تنفع مع السلاح النووي قدرات صاروخية؟
نحن اليوم لسنا في حرب تحرير الكويت عام 1990؛ حيث تستطيع صواريخ «باتريوت» التصدي لصواريخ «سكود»، نحن أمام سلاح نووي فتاك يمتلكه عدو جار يصل إلينا خلال ثانية واحدة من لحظة إطلاقه، هذا السلاح لا تنفع معه ما جاء في بيان هذه القمة «زيادة التدريب مع القوات الخاصة الأميركية لرفع قدرات شركائها»، في الوقت الذي سمحت أمريكا لإيران امتلاك سلاح نووي، كما تقول في نفس البيان «وما يهم واشنطن هو تخلي الأسد عن أسلحته الكيماوية»، وهو أقصى درجة الاستخفاف عندما تظهر أمريكا نفسها بأنها عاجزة عن دفع الأسد بالتخلي عن الأسلحة الكيماوية، في الوقت الذي تطمئن الدول العربية عن السلاح النووي الإيراني. وتأتي في كامب ديفيد لتطمأن العرب وتقول ستبني لهم نظام «إنذار مبكر» و«قدرات صاروخية»، مقابل أولاد نووية صغيرة وكبيرة ورشيقة وبدينة تبيد ملايين من الشعوب الخليجية.
لذلك فدول الخليجية بحاجة ملحة لامتلاك أسلحة نووية، وليست بحاجة إلى نظام مبكر ولا مضادات صواريخ..