إن لم يكن الطرح والخطاب والمقال والحديث عن مهددات الأمن الداخلي لأي دولة شاملاً الجماعات الدينية الإرهابية السنية والشيعية معاً دون تفرقة، فإن صاحب المقال لا ينصح الدولة بل هو يهدف لتقويض واحدة لصالح الأخرى، تقويض الجماعات الإرهابية السنية لصالح الجماعات الإرهابية الشيعية.
صدقت أم الشهيد محمد عيسى الأربش وهي الشيعية السعودية التي ذهب ابنها ضحية الإرهاب السني المتطرف حين كتبت في إحدى تغريداتها «مدعو الليبرالية الشيعة يلبسون نظارة لا ترى إلا حقوق الشيعة فتجدهم يدافعون بشراسة عنهم وإذا ارتكب شيعي مظلمة أو جريمة دفنوا رؤوسهم».
كوثر الأربش واحدة من قلائل الشيعة الذين تصدوا للغلو الشيعي ولجماعات الولي الفقيه فنالها من الظلم منهم ما نالها.
تعالي يا أم الشهيد وانظري للجناح الإعلامي لجماعة الولي الفقيه كيف يرى النملة حين تدب في جماعة الخلافة الإسلامية ولا يرى الجذع في عين جماعة الولي الفقيه، تعالي وشاهدي عندنا السكوت التام عن جرائم جماعة الولي الفقيه، في حين يصرخ الإعلام وبكل طوائفه بلا استثناء سنة وشيعة في صحف أخرى، بل ويقف مع الدولة في مواجهة جماعة الخلافة بلا تحفظ.
فلا فرق بين جماعة تؤمن بولاية الفقيه، وجماعة تؤمن بخلافة الفقيه، الجماعتان لهما مشروع دولة بذات الدعائم وذات المقومات.
الاثنان مشروعهما عابر للقارات وليس عابراً للحدود السيادية لأي دولة فحسب.
الجماعتان تبنيان مشروعهما على هدم وإسقاط الدولة الموجودة الحالية وإقامة دولتهما على أنقاضها.
الجماعتان تستهدفان مؤسسات الدولة وقانونها قبل أن تستهدفا الطوائف الأخرى.
الجماعتان حملتا السلاح ضد الدولة وضد الطوائف والملل الأخرى.
الجماعتان قتلتا وبوحشية أبناء الطوائف الأخرى ورجال أمن الدولة.
الجماعتان تحالفتا مع دول أجنبية، وهنا لا فرق من هي الدولة الأجنبية إيران أو أمريكا أو إسرائيل، فالجماعتان براغماتيتان وميكافيليتان والغاية عندهما تبيح ولا تبرر فقط أي وسيلة.
لذا فإن هاتين الجماعتين هما الآن أخطر مهددات الأمن الداخلي لأي دولة، لأنهما عجزتا عن التأقلم مع الدولة الموجودة حتى حين توفرت لهما منافذ العمل السياسي المحترف ضمن إطار الدولة والدستور، حينها قبلتا الانخراط من أجل الصعود على ظهر هذه الوسيلة فقط لا إيماناً واقتناعاً بديمومة البناء الدستوري وتراكم الخبرات، فعلتها جماعة الولي الفقيه في البحرين والعراق ولبنان وفعلتها جماعة الإخوان في مصر وتونس والأردن.
جماعتا الولي الفقيه والخليفة لا تؤمنان بأي مشروعية لأي دولة قائمة إلا إن كانت تحت ولاية الفقيه أو الخليفة لا فرق.
المواطن رقم واحد في دولة الخلافة هم «الإسلاميون» فقط وليس جميع السنة، و«المؤمنون» هم فقط المواطنون رقم واحد في دولة الفقيه وليس جميع الشيعة، هذه هي النماذج الحية التي رأيناها حين اقتربت تلكما الجماعتان من الحكم أو من السلطة ولم يروها التاريخ لنا.
ما فعلته جماعة الولي الفقيه في البحرين وفي العراق وفي وسوريا وفي اليمن وفي إيران إرهاب راح ضحاياه مئات آلاف حرقاً وشنقاً ودهساً وتفجيراً ولم يقابلهم استنكار بحرف من قبل المؤمنين، ولم ير إعلامهم ضرورة للوقوف مع المبدأ الرافض لهذا السلوك لا مع الجماعة، مقابل وقوف الإعلام ضد ممارسات أي جماعة تتدثر بالمذهب الديني سنياً كان أو شيعياً.
صدقتِ يا أم الشهيد لا بدلاتهم ولا ربطات أعناقهم ولا «ستايل» حياتهم نجح في خلق شخصيات سوية حيادية منطقية موضوعية، صدقتِ حين كتبتِ «مدعو الليبرالية الشيعة يلبسون نظارة لا ترى إلا حقوق الشيعة فتجدهم يدافعون بشراسة عنهم وإذا ارتكب شيعي مظلمة أو جريمة دفنوا رؤوسهم».
لذا فحين يكتب أحد مدعي الليبرالية أن أخطر منجزات الدولة، وهو الأمن الداخلي، مهدد من قبل من يستهدفون الناس وهم يصلون، يصاب بالعمش ولا يرى كم قتلت الجماعات الإرهابية الأخرى واستهدفت أناساً يصلون ويسبحون.
هامش
في المعجم وكل القواميس
العين العمشاء هي العين المصابة بالعمش، وهو: ضعف الرؤية ليلاً مع سيلان الدمع والمفرزات نتيجة إصابتها بمرض.