إذا اعتبرنا التفجير الذي حصل داخل مسجد بالقديح هو الأول والتفجير الذي حصل خارج مسجد بالدمام هو الثاني؛ وهما تفجيران حدثا في يوم الجمعة الذي يسعى فيه المؤمنون إلى ذكر الله، واستخدمت فيهما مواد شديدة الانفجار ونفذهما إرهابيان صارا عبدين لتطرفهما، فإن الانفجار الثالث ينبغي أن ينفذه الجميع؛ ولكن ليس باستخدام مواد التفجير التي استخدمها الإرهابيان وليس في بيوت الله، إنما بتوظيف العقل بغية وضع حد لهذا الاستهتار بأرواح البشر وأمنهم، فلا بد من صرخة في وجه هذا الذي يحدث والذي إن استمر لن يتوقف حتى تقوم الساعة، فتتحول دول التعاون إلى نسخة جديدة من العراق وسوريا واليمن وليبيا.
هذا دور لا يمكن للحكومات الخليجية أن تقوم به منفردة ولا يمكن لشعوب التعاون أن تقوم به وحدها، فلا بد من تعاون الجميع لتحقيق هذا الهدف، فمن دون هذا ومن دون ترك غير المهم من الأمور والمشكلات جانبا؛ فإن المنطقة ستشهد ما ظلت طويلاً تراه عبر شاشات التلفزيون.
المؤلم هو أن بين الشباب المسلم صار من يعين الشيطان على تحقيق مآربه، ولعل الجميع يعرف ما نقل عن الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله- أنه قال «كنت أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام، فقال لي: طبعاً حلال وقتلهم جائز. فقلت له: لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله ما هو مصيرهم؟ فقال: النار طبعاً. فقلت له: الشيطان أين يريد أن يأخذهم؟ فقال: إلى النار طبعاً. فقلت له: إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف، وهو إدخال النّاس إلى النار! وذكرت له حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمّا مرّت جنازة يهودي أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: نفس أفلتت مني إلى النار. فقلت: لاحظ الفرق بينكم وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي يسعى لهداية الناس وإنقاذهم من النار. أنتم في وادٍ والحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم) في وادٍ آخر.
حوار راق لا يحتاج إلى شرح؛ تمكن الشيخ الشعراوي به من تسخيف العمل الذي يقوم به هذا البعض الذي يعتقد أن به يرضي الله ورسوله ويضمن لنفسه الجنة، فليس أنكى من مساعدة الشيطان على تحقيق هدفه المحدد في إرداء خلق الله في النار.
لم يعد أمامنا في دول مجلس التعاون سوى أن ننفجر شعوباً وحكومات ضد هذا الذي يحدث. لم يعد مناسباً إصدار بيانات الشجب والاستنكار والتنديد، ولم يعد مناسباً التشكيك في هذا الطرف أو ذاك، حيث الكل في مركب واحد وحيث الجميع يتضرر من هذا الذي يحدث، فالإرهاب لا يفرق بين مسلم وكافر ولا بين شيعي وسني ولا بين صغير وكبير أو امرأة ورجل أو بين منتم إلى هذه العائلة أو تلك، فالتفجير الذي حدث في الدمام كان يمكن أن يودي بحياة غير المقصودين به لو تواجدوا في المكان صدفة، وكان يمكن أن يحدث في الشارع قبل أن يصل الإرهابي بسيارته إلى المكان فيقتل كل من تصادف وجوده هناك لحظة الانفجار.
ليس للإرهاب صديق، لهذا علينا أن نتخذه عدواً، ولكن بما أن هذا العدو صعب وشرس ولا يمكن لبعضنا القضاء عليه وحده؛ لذا صار لزاماً أن نتعاون جميعاً في ذلك، الحكومات والأفراد وكل مؤسسات المجتمع الخليجي، لنضمن لأنفسنا على الأقل أن نموت موتة طبيعية ولا نكون وقوداً لنار يشعلها حاقدون ومغلوبون على أمرهم