بعلم أو بجهل ما تقوم به الجناح الإعلامي لجماعة الولي الفقيه وما تبقى من الجناح السياسي لتلك الجماعة يومياً وبشكل مكثف ببياناتها وبسياستها الصحافية، هو عمل دؤوب لعزل الجماعة عن الدولة.
الرغبة في «الإصلاح» بالنقد والاعتراض شيء وما يقوم به الجناح الإعلامي والجناح السياسي لجماعة الولي الفقيه شيء آخر.
إن دفع أتباع الجماعة للكفر بمؤسسات الدولة والكفر بقانون الدولة ليس فخراً وليس إنجازاً وبالتأكيد ليس عدلاً وليس إنصافاً، والمشكلة أن الخاسر لن يكون الدولة فحسب، بل الخاسر الأول هم الجماعة.. ألم يكفكم ما حصل للجماعة؟
العمل على تقوية وتعزيز مؤسسات الدولة وإصلاح الخلل فيها لا يتطلب تملقاً ولا يتطلب مدحاً ولا يتطلب حمل المباخر، بل يحتاج لخطاب مهني في النقد يستعرض الأمثلة والنماذج، يرى الصورة الإجمالية لا المبتسرة، يتابع الإنجاز كما يتابع التقصير، يقف على مواضع الخلل دون تعميمه، يشتد في النقد في موضعه ويشتد في المدح في موضعه.. إلخ من استحقاقات الموضوعية والمهنية فلن نخترع العجلة.
من مصلحة الجماعة أن تنخرط في مؤسسات الدولة وتتعاطى معها بأريحية، وما يفعله خطاب الجناح الإعلامي والسياسي اليومي أنه يخلق مزيداً من الحواجز بين الجماعة والدولة ويزيد الجدار سمكاً بينهما، إنه يضر الجماعة أكثر بهذا العزل المقصود أو غير المقصود لا يهم النتيجة واحدة.
إن الإصرار على تكفير الناس بمؤسسات الدولة وطرح المؤسسات الخاصة بالجماعة «الصحيفة والجمعية السياسية» كبديل بحثاً عن الإنصاف والعدالة لن يخدم الجماعة ولن يخدم الإنصاف والعدالة، لن يخدم سوى أقطاب الصحيفة وأقطاب الجمعية.
كما أن إصلاح المؤسسات ودفعها لتحقيق العدالة والإنصاف لا يكون بهذه العين العمشاء التي لا ترى بياضاً ولا ترى تغيراً ولا ترى تطويراً، كيف تطلب عدلاً وأنت لم تعدل؟
لن تخدموا المؤسسات وبالتأكيد لن تخدموا الجماعات بهذا الخطاب الممنهج الذي كان معولاً من معاول عزل الجماعات وتوقيتها على حساب الدولة.
في اليمن اعتقد الحوثيون أن بإمكان «الجماعة» أن تكون حاضناً بديلاً عن الدولة توفر الأمن والسلام، واكتشفوا بعد فوات الأوان أن «الدولة» على الرغم من سوئها إلا أنها كانت أفضل ألف مرة من «اللادولة»، اعتقدت القبائل الليبية أن القبيلة أفضل حاضناً من الدولة، واكتشفت القبيلة بعد فوان الأوان أن الدولة الليبية على الرغم من سوئها كانت أفضل حالاً من «اللادولة».
مصلحة الجماعات أن تقوي مؤسسات الدولة، أن تنخرط وتتفاعل معها، أن تحترم دستورها وقوانينها، أن تقف لعلمها ولسلامها الوطني، أن تتمسك بكل أرضية مشتركة تجمعها بالجماعات الأخرى، لستم بحاجة لأن تكونوا في موضع الحوثيين أو الليبيين كي تقتنعوا بقيمة هذه المكتسبات، إنها الآن بين أيديكم فاعرفوا قيمتها.