الخطوة العملية التي بادر بها رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية الشيخ محسن العصفور بالتواصل مع معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مباشرة بعد الاعتداءات الإرهابية في السعودية والتي راح ضحيتها مصلون أبرياء، هذه الخطوة هي المطلوبة في مثل هذا الظرف، وليس بيانات الشجب والاستنكار والإدانة التي وجد فيها بعض النواب والمسؤولين والجمعيات السياسية فرصة كي يروجوا لأنفسهم ويوهموها بأنهم عملوا شيئا مفيدا.
ولأن خطوة الشيخ العصفور عملية؛ لذا فإنها أسفرت عن قرارات وإجراءات مهمة من شأنها أن تحمي المواطنين والمصلين بشكل خاص من هجمات إرهابية تظل متوقعة في مثل هذا الظرف الصعب الذي تمر به المنطقة ويفرز متطرفين يتخذون العنف سبيلا لفرض أفكارهم وآرائهم وفهمهم للدين.
الشيخ العصفور حصل على تأكيد من الوزير بأن «الداخلية لن تألو جهدا لتعزيز أمن وسلامة المصلين بمختلف الجوامع والمساجد»، وأن «الأجهزة الأمنية تعمل بيقظة وبجهوزية عالية في بسط الأمن والاستقرار بمختلف ربوع المملكة».
هذا التأكيد مهم وهو يعني أن وزارة الداخلية وضعت الخطط التي من شأنها أن تحمي المواطنين من مثل هذه الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الشقيقة الكبرى، وأنها ستلبي كل ما تطلبه منها الجهات ذات العلاقة وتم بالفعل تعزيز التواجد الأمني بالقرب من الجوامع والمساجد التي تشهد حضورا كثيفا من المصلين بمختلف مناطق المملكة.
أيضا جاءت دعوة الشيخ العصفور والأوقاف الجعفرية للمعنيين بالمساجد إلى الحث على اجتناب حضور النساء إلى الجوامع ما أمكن، وبصورة مؤقتة، لتضيف قرارا عمليا يتطلبه الظرف الاستثنائي الحرج بالمنطقة، ولتؤكد من جديد على أن مثل هذه الخطوات العملية هي المطلوبة في مثل هذا الظرف، وليس بيانات التنديد والاستنكار ودعوة الدولة إلى اتخاذ ما يلزم، خصوصا وأن من البديهي أن الدولة ستتخذ اللازم في مثل هذه الظروف.
إن تصريحات من مثل «هذا التفجير الإرهابي يسعى للفتنة والفوضى» و«هذا انحراف للدين وخيانة للأوطان» و«التفجير يهدف إلى زعزعة أمن واستقرار الخليج» و«التفجير لا يراعي حرمة ولا دينا ولا ذمة»، وغيرها من تصريحات امتلأت بها الصحف بعد تفجير القديح وتفجير الدمام كلها لا قيمة لها ولا فائدة. القيمة والفائدة تتوفر في الخطوات العملية التي من شأنها أن تحمي المواطنين والمقيمين وليس في الكلام، حيث الأكيد أن هذه التفجيرات «تسعى للفتنة والفوضى وهي انحراف عن الدين وخيانة للأوطان وتهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، ولا تراعي ديناً ولا ذمة ولا أحداً»، فكل هذا الكلام لا يضيف جديداً إلى الأمر ولا مفيداً.
خطوة أخرى مهمة اتخذها رئيس الأوقاف الجعفرية ومجلس إدارتها هي مخاطبة محافظة العاصمة لمنع دخول السيارات لمنطقة المنامة هذه الليلة التي يتم فيها الاحتفال بالنصف من شعبان، ودعا إلى ضرورة التزام الجميع بالتعليمات التي تعنى بأمنهم وسلامتهم والتعاون من أجل هذا مع الجهات الأمنية والمسؤولين بإدارة الأوقاف.
التحرك الذي قام به الشيخ محسن العصفور يهدف إلى سد الفجوات التي يمكن أن يعبر من خلالها الإرهابيون فيعيق تقدمهم، وهو جهد مهم ومقدر ومثال يحتذى، فالظرف يتطلب المبادرات التي هدفها منع التطرف من التحرك وتنفيذ عملياته وإدخال البلاد في فوضى قد لا تخرج منها.
هذا العمل هو المثال الذي ينبغي من «المعارضة» بأنواعها الاستفادة منه وتقليده، وكذلك النواب والمسؤولين، فهو عمل وليس كلاماً لا يساوي الحبر الذي كتب به، فما صرنا فيه لا يحتاج إلى كلام لأنه لا يؤثر فيه ولا يغير منه؛ وإنما يحتاج إلى عمل وقرارات تترجم على أرض الواقع ويلمس المواطنون والمقيمون فوائدها لمسا.
التطورات الأخيرة فرصة للجمعيات السياسية كي تقدم شيئاً له معنى