المتابـــــع لتصريحــــات «المعارضيـــــــن»، خصوصاً أولئك الذين اختاروا العيش في الخارج، يلاحظ أنها تركز في هذه الفترة على مسألتين؛ الأولى الترويج لفكرة أن الحكومة فشلت في تحقيق نجاحات اقتصادية وسياسية وأنها تتخبط ولا تعرف كيفية الخروج من كل هذا، والثانية دعوة الحكومة إلى الاستماع إلى «المعارضة» التي يصفونها بالرشيدة بدل إقصائها، وهو ما يفهم منه أنه إذا كانت الحكومة تبحــــث عن مخـــرج لـ «فشلها» فعليها أن تستعين بـ «المعارضة» التي «تمتلك الرؤية والحل لكل المشكلات الاقتصادية والسياسية»، والمسألتان يراد منهما القول إن الأفضل لشعب البحرين هو تنحية الحكومة جانباً وتسليم «الخيط والمخيط» لـ «المعارضة».ثقة غير عادية في النفس، لكن لا يقابلها على أرض الواقع عمل يمكن اعتباره مثالاً، وباختصار إذا كان من يعتبرون أنفسهم معارضة لا يستطيعون إدارة ناد أو جمعية؛ فكيف لهم أن يديروا دولة ويطرحوا أنفسهم على أنهم المنقذ للمشكل الاقتصادي والسياسي؟ «المعارضة» لم تقدم النموذج الذي يمكن أن يقنع أحداً بأنها الخيار الأفضل أو البديل، بل إن الخلافات بين أعضائها وأعضاء كل مؤسسة اجتماعية أو سياسية تهيمن عليها كثيرة، إلى الحد الذي يصعب معها التركيز بغية التفكير. حتى الجمهور الذي ظل إلى بعض الوقت يؤمل فيها خيراً ويعتقد أن بإمكانها فعل شيء مفيد تبين له مقدار الخطأ الذي وقع فيه فسحب بعضه ثقته منها، ولن يتأخر البعض الآخر عن القيام بالأمر نفسه. من يطرح نفسه بديلاً في أي مجال لا بد أن يقدم النموذج والمثال كي يطمئن من يؤمل فيه خيرا ويعطيه ثقته أنه لم يخطئ في الاختيار. لا يمكن لمن لم يدرس التربية وأصولها وطرق التدريس أن يكون بديلاً عن المعلم الذي ظل طويلاً يبلي بلاءً حسناً وأثبت أنه قادر على الارتقاء بتلاميذه وقدراتهم. لا يمكن لمن لا يعرف في الهندسة شيئاً أن يكون البديل عن المتخصصين في الهندسة ممن شيدوا المباني الضخمة والشوارع والكثير من المنشآت. لا يمكن لمن درس الطب سنتين أن يكون بديلا عن الطبيب الذي تمكن بعلمه وخبرته ومهارته من علاج آلاف المرضى. إذا أرادت «المعارضة» أن تحصل على ثقة الجمهور فعليها أن تثبت أنها الأفضل بالعمل وليس بالكلام، فالنظريات كثيرة ولا أسهل من الكلام والتعبير عن الأحلام. المحك هو العمل وتوفير المثال، وللأسف فإن هذه «المعارضة» في المجمل لم تقدم حتى الآن للجمهور الذي وثق فيها لبعض الوقت سوى الشعارات والكلام المنمق والمثاليات.لا يمكن للجمهور أن يثق في الذي يطرح نفسه بديلاً ويرفع شعار محاربة الفساد وهو لم ير منه المثال المقنع بأنه لو اختير لن يكون فاسدا، ذلك أن بين من يطرح نفسه بديلاً يتوفر كثير من المفسدين والمؤهلين لينضموا إلى هذه الشريحة. لا يمكن للجمهور أن يثق في من يطرح نفسه بديلاً ويرفع شعار المساواة والعدالة وهو يرى منه ما يؤكد أنه بعيد عن تحقيق المساواة وعن العدالة حتى في بيته. القصة ليست قصة انتقاد الحكومة والقول إنها مقصرة أو فاشلة، فمثل هذا القول إن صدر عمن لم يقدم مثالاً ونموذجاً لا قيمة له ويصنف في خانة الافتراء على الحكومة، القصة هي أن من يقول بهذا إنما يشارك في تنفيذ أجندة معتمدة لدى آخرين يهمهم ترويج مثل هذه الأفكار التي تدخل في باب الحرب النفسية ومحاولة التشهير بحكومة أثبتت نجاحات تحلم بعض الدول -خصوصاً تلك التي تعتبرها «المعارضة» نموذجاً ومثالاً- تحقيق ولو جزء منها. ما يروجونه عن فشل الحكومة في تحقيق نجاحات سياسية واقتصادية يدخل في باب الافتراء عليها، والبديل الذي يطرحونه بضاعة مغشوشة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90