بداية نقدم تعازينا القلبية والحارة لعائلة الفقيد المغدور به في حادثة الشجار الأخير الذي وقع في مدينة حمد، ونأسف جميعنا على ضياع شاب في مقتبل العمر في مشاجرة مؤسفة للغاية، ما كان يجب أن تحدث في البحرين.
بغض النظر عن تفاصيل حادثة القتل، وبغض النظر عن كل أمر حدث في منطقة الشجار تلك الليلة، فالقانون سيأخذ مجراه، والجاني سينال عقابه، ويوم القيامة سيحكم الله بينهما وهو خير الحاكمين. لكن الأسئلة التي يجب أن نناقشها هنا، أين دور الأسرة البحرينية في تربية أبنائها من أجل عدم وقوعها في هكذا جرائم وأخطاء قاتلة قد تكلفهم حياتهم؟ ومن يمكن أن يكون له الدور الرئيسي في توجيه الشباب نحو أعمال العنف أو الإرهاب أو أي أمر يخل بأمن الوطن والمجتمع؟ وما هو دور الدولة ومنظمات المجتمع المدني وبقية المؤسسات التربوية والشبابية والترفيهية والتثقيفية في انتشال شبابنا من وحل الفراغ والعنف إلى حيث العطاء والبناء؟
يبدو أن جرائم القتل في مجتمعنا البحريني غير واردة على الإطلاق، إلا في حالات نادرة جداً، وربما تأخذ صفة مختلفة عن الجريمة الأخيرة التي وقعت في منطقة مدينة حمد، ناهيك أن ما يؤسَف له في هذه الواقعة، أن القاتل والمقتول هما من فئة عمرية ما كان ينبغي أن يكونا طرفين فيها، وهذا كله يدق جرس إنذارٍ لكل فئات المجتمع البحريني، أن عليهم مراجعة حساباتهم في قضايا التثقيف والتربية والتوجيه واحتضان الشباب نحو العمل الصالح الذي يخدم الوطن وكل أبناء المجتمع.
يجب على الأسرة أن تبذل جهداً أكبر في تربية أبنائها الصغار، كما يجب على الدولة أن تكون أكثر صرامة في الحد من هذه الجرائم الدخيلة على مجتمعنا، ومحاسبة كل المقصرين الذين يشاركون ولو من بعيد في هذه الجرائم، سواء بالصمت عليها أو بالدفع نحوها أو بتشجيع مرتكبيها لمزيد من الحماقات التي تفضي في نهاية المطاف إلى القتل والإيذاء.
يجب على المختصين في الدولة وفي كل مؤسساتنا المدنية وغيرها من المؤسسات التي تُعنى بالشأن التربوي والشبابي من دراسة أبعاد الجريمة الأخيرة التي وقعت في منطقة مدينة حمد، ومناقشة أسبابها ودوافعها وكل ما يحيط بهذه الجريمة من ملابسات، كل ذلك من أجل ألاّ تتكرر مثل هذه الحوادث المؤسفة، إضافة إلى محاصرة كل أشكال الجريمة في البحرين، وأن توضح الجهات المعنية بهذا الأمر على المستوى الإعلامي، مدى خطورة القضايا المجتمعية التي تتعلق بالقتل، وأن ما حدث بالأمس يجب ألاّ يتكرر بأي شكل من الأشكال في المستقبل، وأن كل من تسول له نفسه الإخلال بأمن المجتمع، لا يمكن أن يمضي في طريقه من دون عقاب رادع، فالأمن حق أصيل يجب أن يناله كل فرد من أفراد المجتمع، أما الجريمة فإنها يجب أن تحارب وتحاصر كل مقدماتها وبيئتها التي خرجت من رحمها.
أما الكلمة الأخيرة والأهم فإننا نوجهها للأسرة البحرينية، التي تقع على كاهلها مسؤولية كبيرة في قضايا التربية والتوجيه لأبنائها الصغار، وعدم تركهم عرضة لتربية الشارع ورفقاء السوء من أقرانهم، وأن يتفرغوا ولو قليلاً لمسائل التربية الصالحة التي تقدم من العطاءات المستحقة للوطن والمجتمع، فجريمة القتل وغيرها من الجرائم المخلة بأمن الإنسان، تقع في الأساس على عاتق الأسرة أولاً والدولة أخيراً. كما أننا ننصح شبابنا أن يتعاملوا مع بعضهم البعض في القضايا المجتمعية بطريقة عقلانية بعيدة عن الانفعالات والغرائز، تلكم الإنفعالات التي قد تكلفهم حياتهم أو السجن مدى الحياة.
اللهم ارحم الفقيد الشاب بواسع رحمتك، واربط على قلب أهله، واحفظ لنا أمننا وشبابنا البحريني من الوقوع في كل أشكال الرذائل.