ثقافة خطيرة آخذة في الترسخ ضمن خطابات عديد من المسؤولين وحتى شرائح أخرى مثل رجال وسيدات الأعمال وحتى من شوريين وبعض النواب وجزء من الإعلاميين، تتمثل في الاستهانة بالمواطن ومستوى إدراكه وفهمه للأمور.
النظرة الدونية للمواطن مرفوضة تماماً، إذ منذ متى ننظر للمواطن على أنه أقل عامل في أي معادلة؟!
الدولة والقيادة ورأس الحكومة خطاباتهم واضحة بشأن المواطن وأنه حتمي كونه أساس العمليات ومحرك أي حراك، لكن هل هذا التوجه يتمثل به المسؤولون؟!
نعرف كثيراً من المسؤولين كلامهم لا يرتقي لأن يكون كلاماً صادراً عن أشخاص منحوا مسؤولية قطاعات، وأعني بهم أولئك الذين يتكلمون خاصة في الأحاديث الخاصة في اجتماعات أو محادثات فردية مع الإعلاميين ويتضمن كلامهم عن المواطن مضامين مخجلة ومؤسفة من طراز «المواطن شعرفه» أو «الناس فالحة تتحلطم»!!
شخصياً صادفتني مثل هذه المواقف مع وزراء وليس صغار مسؤولين، وكان ردي واضحاً ومباشراً بأن هذا الكلام»عيب»، وإن كان هذا منطقك كوزير ومسؤول كبير كان حرياً بك من باب الشجاعة والوضوح ألا تقسم بأنك ستعمل مخلصاً لأجل الوطن والمواطن، فالقناعة هنا بأن أي مسؤول لا يحترم الناس لا يستحق أن يحترمه الناس، بل من المجازفة أن نوليه مسؤولية مرتبطة بالبشر، لأن مثل هذه النوعية من الوزراء والمسؤولين هم من يحرجون الدولة، وهم من يتسببون في سخط الناس واستيائهم.
اعترتني حالة من الغضب حينما شاركت الأحد الماضي في برنامج «هذا المساء» على شاشة تلفزيون البحرين والذي يقدمه الإعلامي الكبير المخضرم الأخ الأستاذ سامي هجرس، وكان موضوع النقاش عن عملية إعادة توجيه الدعم، غضبت لأنني سمعت توصيفاً مخجلاً وغير واقعي من مسؤولين ورجال أعمال يكررون فيه وصفاً مزعجاً مفاده أن «المواطن غير فاهم».
عندما طلبت الحديث قلت وكلي رفض لهذا الوصف الذي فيه استهانة بالمواطن، بأن يا جماعة رجاء عدلوا الجملة وصححوها، ليس المواطن هو الذي لا يفهم بل المسؤولون هم الذين لا يعرفون كيف يشرحون ويوصلون المعلومة بشفافية ووضوح ودون لف أو دوران.
المواطن البحريني، حتى البسيط في معيشته ومستواه التعليمي والوظيفي، إنسان لديه وعي ونضوج ولديه خبرة في الحياة تمكنه من معرفة الصواب من الخطأ، أقلها الغالبية من المواطنين الذين فيهم أشخاص أفكارهم وآراؤهم تتفوق حتى على أفكار وآراء مسؤولين ومن يفترض أن يكونوا خبراء في التخطيط.
هذا المواطن الذي بوعيه بنى هذه البلد، دافع عنها وحماها، صبر على كثير من الأزمات والمشاكل والمصائب في التخطيط والتنفيذ التي سببها مسؤولون بعضهم أصلاً «غير فاهم» لدوره المفروض أن يمارسه لخدمة البلد وأهله.
بالتالي، من يستصغر الناس نقوله له «عيب عليك»، فالمواطن البحريني باختلاف مستوياته يظل عزيزاً مكرماً وله كل الحشيمة والكرامة، فبدون الناس والشعوب لما قامت الدول ونهضت.
احترموا شعب البحرين الطيب رجاء، والكلام موجه لمن يقلل من شأن الناس، هؤلاء هم آفة المجتمع وسبب للفشل والتخبطات.