صلى المصلون في المساجد والجوامع والمآتم بكل أريحية، وصافح المصلون الشيعة منهم والسنة الشرطة ورجال الأمن وشكروهم على جهدهم في توفير الأمن لهم، فهذه هي مهمة الدولة.
هذه هي الدولة التي أراد البعض إسقاطها وسموا رجال أمنها مرتزقة وسموا شرطتها مليشيات النظام، هاهي تؤمن السلامة لمواطنيها وتمكنهم من أداء صلاتهم بغض النظرعن مذهبهم بل وبغض النظر عن ديانتهم فمثلهم المسيحيون ومثلهم كل الملل والنحل توفر لهم «الدولة» الأمن والأمان ليمارسوا حياتهم الطبيعية بكل أريحية، فهذه هي مهام «الدولة»، ودونها الفوضى.
الذي ضحك على (الناشطين) في الوطن العربي وأقنعهم بأن هناك فوضى ممكن أن تكون خلاقة بسقوط الدولة، نسي أن يقول لهم بأن «التوحش» يقتات على الفوضى، وأنه ليس هناك فراغ يترك دون أن يتقافز عليه كل الطامعين في حال سقوط الدولة، وأن المرحلة التي بين سقوط دولة وقيام أخرى هي الفوضى التي لا (راس) لك ترتد إليه طلباً للأمن.
ها هم الناشطون الذين أحدثوا «الفوضى» في دولهم بعد أن دربتهم الأكاديميات ومبادرات الديمقراطية الأمريكية اكتشفوا بعد فوات الأوان وبعد أن سقطت دولتهم أن لم يكن هناك أي صورة من الصور (الخلاقة) في الفوضى التي أحدثوها، والتي دربوهم عليها لإسقاط الدول ولم يقل لهم أحد وماذا بعد السقوط؟ أين هي المرحلة (الخلاقة) من هذه الفوضى؟ ليس هناك إلا الاقتتال ليس هناك سوى تنظيمات وحشية وأسلحة في يد الأطفال والمجانين، ليس هناك سوى موت يقبع في كل زاوية وليس هناك مؤسسات وليس هناك قانون، إنها الغابة مكاناً والتوحش حقبة يعود بها الإنسان إلى مرحلة ما قبل الدولة، حيث تجهد في يومك لتوفير الماء النظيف لأطفالك بعد أن كنت تنتقي لهم الحضانات وتفاضل بينهم بحثاً عما يناسب ميزانيتك، وأصبح الغذاء يحسب لكفايته اليومية بعد أن كانت وسائل الإعلام تجهد في إقناعك بترشيد الاستهلاك، الفوضى جعلتك تحسب مقداره الذي يبقيك حياً، وأصبح الدواء ترفاً وسقف الخيمة حلماًَ.
لا فرق هنا بين دولة غنية الموارد ودولة فقيرة الموارد بعد سقوط الدولة، فالموارد بحاجة إلى «دولة» كي تجعلها إيراداً يدار ويوزع، ودونها فالمورد كروث الحيوانات يذوب تحت الأرض بلا استخراج وبلا فائدة ولاعوائد.
اللهم آمنا في أوطاننا واصلح ذات بيننا.