التعليق الذي كان متوقعاً من «المعارضة» على اختلاف ألوانها فور إعلان وزارة الداخلية إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف أمن البحرين وبث اعترافات المتهمين عبر التلفزيون الرسمي هو أن «الاعترافات انتزعت تحت التعذيب وأن الذين ظهروا على الشاشة تعرضوا لتهديدات وأجبروا على الاعتراف بعمل لم يقوموا به وأنهم مظلومون، وأن للداخلية هدفاً من كل ذلك وأن في توقيت بث تلك الاعترافات أهمية تدركها وزارة الداخلية دون غيرها».
هذا أمر طبيعي؛ حيث «المعارضة» تعتبر كل اعترافات يتم بثها عبر تلفزيون البحرين اعترافات أجبر أصحابها على قول ما يراد منهم قوله، فتسعى إلى نشر ما يعبر عن هذه القناعة، فطالما أن فضائيات «العالم» و«المنار» و«المسيرة» و«الميادين» ومن يشاركها المهام المرسومة لها لم تبث تلك الاعترافات فإن الأكيد أنها كذلك!
ما تقوم به «المعارضة» بأنواعها رد فعل طبيعي، والأكيد أن استمرار ذوي العلاقة من شخوص وجمعيات سياسية ومنظمات حقوقية عالمية في نفي صحة تلك الاعترافات وانتقادها سيستمر حتى حين، وسيدهش الجميع بمن فيهم من اعترفوا على أنفسهم، فهؤلاء يعتبرون كل ما يصدر عن الحكومة بعيداً عن الحقيقة ومليئاً بالافتراءات ويرفضونها حتى قبل أن يسمعوها أو يروها.
لكن ما الذي يؤكد أن تلك الاعترافات لم تنتزع فعلاً تحت التعذيب ولم يجبر أصحابها على قول ما قالوه وأنهم لم يكونوا يقرؤون كلاماً كان موضوعاً أمامهم ولا يراه المشاهدون؟
هذا سؤال مهم؛ فوزارة الداخلية جزء من السلطة؛ بل الجزء الأساس كونه المعني بالأمن وبيدها أن تفعل كل ذلك لو أرادت، حالها حال كل الأجهزة الأمنية في كل بلاد العالم. لكن هل يعقل أن تقدم وزارة الداخلية على عرض تلك الاعترافات لو لم تكن صحيحة ودقيقة؟
بتفكير المعارضة الجواب هو «نعم»، تقدم على ذلك وتفعله من دون تردد طالما أنه يوفر مكاسب للحكومة تبحث عنها، لكن هناك سؤال أكبر هو هل يمكن لمملكة البحرين التي تربطها بالجمهورية العراقية علاقات دبلوماسية ومصالح أن تقدم على عرض تلك الاعترافات التي يرد فيها اسم العراق ويؤكد دور مواطنين عراقيين في تدريب المتورطين على الأسلحة وصناعة القنابل وتفجيرها لو لم تكن صحيحة مائة في المائة؟
البحرين وأي دولة في وضعها تدرك جيداً أن مثل هذه الأمور يمكن أن تؤثر سلباً على علاقاتها بالدول التي يرد اسمها في الاعترافات لو كانت غير صحيحة وغير دقيقة، وتدرك أن هذا يحرجها أمام الدول الأخرى والأمم المتحدة لو كانت كذلك، هذا يعني أنه لولا أن ما تم عرضه كان حقيقياً ودقيقاً بنسبة 100% لما سمحت حكومة البحرين بعرضه، ولما بادر وزير الخارجية ومسؤولون آخرون في المملكة بإعادة نشره على شكل تغريدات.
لكن هذا الكلام يفهمه العاقلون فقط ومن تهمه الحقيقة، لذا فإن من الطبيعي أن ترفضه «المعارضة»؛ بل ترفض حتى فكرة أنه يوجد هناك ما يسمى بـ»سرايا الأشتر»، ولا تتردد عن القول إن هذه السرايا من تأليف وإنتاج الحكومة، وإنها غير موجودة إلا في خيال الداخلية رغم أنها أول من ظل يعلن عن العمليات التي تنفذها وتصفق لها.
رفض «المعارضة» وإنكارها لما تم بثه ونشره من اعترافات لا يغير في المسألة شيئاً، فهناك وقائع ومتورطون وهناك اعترافات لا يصعب التأكد من صدقيتها، وهناك نتاج عمل استمر شهوراً طويلة قامت به الأجهزة المعنية بوزارة الداخلية أدى إلى وقوع أعضاء هذه المجموعة الإرهابية في الشباك.
المؤسف أن ما تم عرضه من اعترافات على شاشة تلفزيون البحرين صحيح، والمؤسف أكثر هو أن كل من اختار معاداة الوطن سيشيع أن المتورطين أجبروا على الاعتراف بأمور لم يقوموا بها