تقوم الدنيا وتقعد على الـ10 ملايين دينار كلفة لملعب كريكيت ولا أحد ينطق بكلمة على مئات الملايين التي تهدر سنوياً في «خرطي»، فهي مصيبة، وحين تضخ الأموال إلى شركات كان من المفترض أن تكون مورد دعم للميزانية والاقتصاد، فإذا هي عبء على خزانة الدولة التي تتراكم مديونيتها سنوياً، وذلك حين تضخ في هذه الشركات مئات الملايين من الدنانير دون حساب ولا مراقبة ولا متابعة من مجلس نواب ولا شورى.
من يحتجون اليوم على كلفة هذا الملعب نقول لهم «خير يا طير» ملعب كريكيت بعشرة ملايين دينار شغل بالكم، في حين أن أدراجكم تقبع فيها تقارير بمئات الملايين من الدنانير قد ضيعت، فأين الحساب والمحاسبة عنها؟ وأين اقتراحاتكم ومشاريعكم لدعم الاقتصاد؟ وأين اجتماعكم على كلمة واحدة تحد من هدر الملايين في شركات تحتاج لإعادة نظر فيها وطرحها للاكتتاب مثل شركة طيران الخليج، وكذلك بابكو وبناغاز وتطوير، حيث يجب أن تكون تحت المتابعة والمراقبة والنظر في جدوى بعضها من عدمه، وكيف يمكن تحويلها لشركات منتجة، في الوقت الذي نشاهد دول الخليج الجارة قد استطاعت من خلال نفس هذه المؤسسات أن تصل بإيراداتها إلى المليارات، وذلك عندما أحسنت إدارتها وتشغيلها واستغلال مواردها، أما ترك الأمور تسير بالبركة، كما كانت عليه، فسيكون طريقها أسوأ مما عليه، وفي النهاية وحتى سنوات قادمة سيكون العجز لا حل له ولا ترقيع، لذلك نقول ونكرر يا جماعة لا تتركوا القبة وتمسكوا بالحبة.
ولو عمقنا التفكير وإعادة الحسابات لوجدنا أن الأمور لا تكون بالصياح والفزعة، لكن تكون بحسن التدبير والتبصير والشد على اليد من قبل الخبراء في الاقتصاد والاستشاريين الذين لم نسمع منهم رأياً ولا اقتراحاً، وذلك حين تكون أمامهم حلول يمكن من خلالها التوفير ودعم الميزانية، وأولها تحويل إيرادات هيئة سوق العمل لدعم الميزانية، ولم لا؟ فالدولة تقدم خدمات عالية الكلفة للأجانب تفوق كلفتها إيرادات سوق العمل، كما توفر لهم فرص العمل وممارسة التجارة بشتى أشكالها وأنواعها دون قيود ولا تفتيش، لذلك فالدولة أولى بهذا الدعم في هذا الظرف الصعب، أما ترك الدولة تستدين وترفع الدعم عن المواطنين وتترك الملايين تطير على دعم بزعم محلات مردودها على أصحابها، أو على مشاريع غير مجدية وفعاليات موسمية ورمضانية وبين دعم معارض «جلابيات وعباءات»، فتلك أمور في الأخير لم تجدِ نفعاً في دعم اقتصاد.
وها هو من قال سابقاً أن «الدينار تحوله «تمكين» إلى 16 ديناراً» يعترف في مقابلة مع إحدى الصحف أن الوضع الاقتصادي في البحرين «مقلق»، كما قال أيضاً «نحتاج في بادئىء الأمر أن نعرف حجم إيراداتنا وثم كيف سنغطي العجز، وأن يتم إصدار قوانين سريعة لتقليل هذا العجز».
إذاً معادلته كانت غير صحيحة ولا تصب إلا في مصلحة مزودي الأعمال لـ«تمكين»، وإذا كانت الدولة مصرة على استمرار الضريبة التي ستؤدي إلى تدهور الاقتصاد، فإنه أخف وقعاً على نفوس أصحاب العمل أن تذهب ملايينهم في خدمات يستفيد منها جميع المواطنين. ثم إنه من الضرورة إعادة النظر في الشركات التي تضخ لها سنوياً 200 مليون دينار لدفع فقط مرتبات موظفيها، مثل شركة طيران الخليج، التي تتراوح أجور بعض موظفيها بين 3-9 آلاف دينار، فهم ليسوا علماء ذرة؛ بل في مجالات لا تتعدى تسويق وخدمات زبائن أو حسابات، في حين أن رواتب أمثالهم في البنوك والمؤسسات الحكومية لا تتعدى 1000 أو 2000 دينار، ورغم ذلك فإن هذه البنوك والمؤسسات ذات مردود اقتصادي كبير على الدولة وعلى المواطنين، كذلك يجب إعادة النظر بالنسبة لشركة بابكو وباناغار وتطوير، خاصة «تطوير» التي تعتبر ازدواجية لشركة بابكو.
هناك الكثير من الحلول للحد من هدر مئات الملايين من الدنانير يمكن أن توفر منها الدولة حتى المليار دينار سنوياً، إذا ما كان هناك حزم وإرادة في الحد من هذا الهدر وتغطية العجز في الميزانية، أما الصياح والنياح على ملعب كريكيت لا تقارن كلفته نقطة في بحر من مئات الملايين المهدورة، فإنه استخفاف بالعقول، ونوع من أشد أنواع «الاستعباط» الذي ليس له حل ولا علاج.
لذلك فإذا كان هذا الهدر سيستمر ويظل الحال كما هو الحال في هذه المؤسسات فنقول «خير يا طير» 10 ملايين دينار لملعب كريكيت، وحتى 20 مليون دينار مرة وحدة معها لملعب للرجبي، فالميت ما تضره الطعنة.