كتبت قبل فترة مقالاً في جريدة الشرق الأوسط أدعو فيه دول الخليج ألا تترك قطر وحيدة أمام هجمة المنظمات ووسائل الإعلام «القوى الناعمة» ضدها في ملف حقوق الإنسان كما تركوا البحرين في عام 2011 وحدها في مواجهتها، واليوم أكتب لا تتركوا السعودية كي تواجه «القوى الناعمة» وحدها كما تركتم قطر تواجهها وحدها.
تتعرض المملكة العربية السعودية هذه الأيام لهجوم منظم وممنهج ومتفق عليه من بعض الوسائل الأمريكية والأوروبية وبعض المنظمات الدولية، هجوم أصبحنا نحن البحرينيون نعرفه ونعرف كيف تدار حملاته المتزامنة، أهم من ذلك أننا اكتشفنا أن تلك الحملات لم تكن سوى جزء مهم إن لم يكن الرئيس من مشروع «إسقاط الدول» المسمى الشرق الأوسط الجديد، مولت فيها المنظمات والإعلام لشن حملات مضادة للدول التي على قائمة «التغيير» تماماً كما مولت ودعمت التنظيمات الإرهابية الشيعية في الخليج والسنية في شمال أفريقيا بحجة أنها تنظيمات معتدلة وستحارب القاعدة!
التقارير والمقالات التي تصدرها وسائل إعلامية ومنظمات دولية أداة رئيسة من أدوات المشروع وبه وعن طريقه يتم الضغط على الأنظمة العربية وعلى شعوبها وبه وعن طريقه يتم استصدار القرارات الأممية والتأثير على الرأي العام الغربي، وعلى هذا الأساس فمواجهة هذه المنظمات ووسائل الإعلام والتصدي لها والاستعداد والإعداد لها لابد أن يكون خليجياً بدرجة لا تقل أهمية عن مواجهة مشروع الحوثي في اليمن، فكل تلك الأدوات تعمل مجتمعة لتحقيق هدف واحد.
أهم درس تعلمناه في البحرين بعد عام 2011 حين تعرضت مملكة البحرين لأكبر حملة تشويه في تاريخها أنه لا يمكن أن تواجه القوى الناعمة «منظمات ووسائل إعلام» بقوى ناعمة «رسمية»، لا عبر السفارات ولا عبر أجهزة الإعلام الرسمي الخليجي، بل تعلمنا من إيران هذه اللعبة التي أجادتها، فهي تعتمد على زراعة شبكة مراكز تحت مسميات ثقافية وبحثية وعلمية «غير رسمية» بالعشرات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وهذه الشبكة عملت على بناء قنوات وجسور مع تلك القوى ومع مراكز صنع القرار وها هي اليوم تجني ثمار زرعها، التحالف الأمريكي الإيراني طبخ في هذه المراكز، والعديد من بيوت الاستشارة الأمريكية مخترقة تماماً من اللوبي الإيراني الذي يعد أكبر لوبي بعد اللوبي الصهيوني في أمريكا.
المملكة العربية السعودية لديها الإمكانيات ولكن المواجهة لا بد أن تكون خليجية لا سعودية ولا قطرية ولا بحرينية، ومثلما تصدينا بعاصفة الحزم ككتلة خليجية واحدة لأحد أدوات هذا المشروع وهو التحالف «الإيراني الحوثي» في اليمن علينا أن نتحرك ككتلة واحدة أيضاً بعاصفة حزم تجاه مشروع القوى الناعمة لمواجهة حملاتها التي ستتصاعد على دول الخليج الواحدة تلو الأخرى، ونتصدى تصدياً سريعاً آنياً وتصدياً يضع خطة طويلة المدى لكسب مواقع تخترق منظومة صنع القرار الدولية، بالأمس كانت البحرين ومن بعدها قطر وها هي اليوم السعودية وغداً الإمارات، ولا يمكن أن تواجه أي دولة هذه القوى فرادى.
لا فائدة من مواجهتها فرادى فنحن بذلك نكرس ونخدم مشروع التفتيت الذي يرسمونه لنا في شرقنا الأوسط، نحن بحاجة إلى وضع سياسة خليجية تشترك فيها جميع الدول الخليجية المعنية بالهجمات، وهنا لن يستثنى أحد حتى تلك التي كانت تعتقد أنها في مأمن منها الآن!! إن الحراك الجماعي الخليجي المشترك وحده حائط صد ومبادرة تمنح المزيد من الحصانة لهذا الحراك عدا عن الإمكانيات الهائلة التي ستتوفر له.
كما أنه لا فائدة من صد هذه الهجمات في ديارنا والرد عليها في صحافتنا وفي وسائل إعلامنا، نحن بتلك السياسة نخاطب ذاتنا، لابد أن يكون لدينا مراكز متقدمة من حيث الموقع، في أوروبا وفي أمريكا، مراكز تعمل بشكل جدي غير تلك التي توجد الآن والتي استنزفت منا الملايين وأهم إنجازاتها أنها كدست لنا الإصدارات وأعادت إرسالها لنا... ماذا نفعل بها نحن؟ نحن بحاجة لمواجهة تلك الوسائل والمنظمات بعمل مدروس يتغلغل إلى داخل تلك القوى ويختار القوى المؤثرة ويتخاطب معها بلغتها، اختراق تلك المنظمات ووسائل الإعلام ليس أمراً مستحيلاً إنما يحتاج لإعادة قراءة مشهدها.
الملف القطري والملف السعودي جاهزان ومستعدان لإطلاق الحملة الموجهة ضد هاتين الدولتين، وتجارب الإطلاق الأولية قد بدأت بعدة مقالات وتقارير من تلك القوى الناعمة كبالونات اختبار تجريبية سنشهد تصاعداً لحدتها في الأيام القادمة.... اسألوا البحرين فالضربة الأولى كانت على رأسنا، وما التصعيد الذي نراه هذه الأيام ضد البحرين إلا للضغط على القضاء البحريني بهدف إعادة البحرين للمربع الإرهابي رقم واحد.. المشروع لم ينته بعد فلا تأمنوا ولا تركنوا.