ترك المجال لبعض الصحف تكيل الاتهامات للدولة من أخبار مغلوطة وتشكيك في نزاهة القضاء، وادعاءات ليس لها أساس من الصحة، إلى جانب الصمت الإعلامي الرسمي عن تبيان الحق، وعدم اتخاذ أي أجراء قانوني ضد مروجي الإشاعات الذين لا زالوا حتى اليوم يصرون على كراهيتهم للحكم وسعيهم بالإطاحة به، لهو من أهم الأسباب التي تجعل الانقلابيين يتمتعون بالثقة، حيث ساهمت الدولة بزرعها في نفوسهم، فسكوت أهل الحق عن الباطل يوهم أهل الباطل أنهم على حق، كما يعطي ذريعة للمجتمع الدولي الذي وقف بكل صراحة إلى جانب الانقلابيين بأن يترصدوا للبحرين عبر منظماتهم التي لم تتوقف تقاريرها عن البحرين، في الوقت الذي تنحسر تقاريرها عن العراق وسوريا ولبنان وإيران، وذلك كله بسبب أن ثغرة الصمت وعدم حسم الشائعات ومعاقبة من يروجها، استغلها الانقلابيون واستغلتها هذه المنظمات.
ما مرت به البحرين من مؤامرة هي أشبه ما يحدث في اليمن الذي حسم أمره من دول التحالف العربي، وكان هذا الحسم الجواب الذي أخرس المجتمع الدولي، وكانت البحرين أولى بهذا الحسم فأهمية البحرين وموقعها الاستراتيجي الذي يعتبر مفتاحاً لدول الخليج، وليس من الضروري أن يكون الحسم بالطائرات، ولكن الحسم كان يجب أن تستغل الدولة الجرائم الإرهابية التي نفذتها المليشيات الوفاقية ودعوى الجهاد الذي أفتت به بعض المراجع الدينية في البحرين والخارج، والمطالبة بإسقاط النظام والإعلان عن قيام دولة الفقيه على الدوار كانت كلها أسباب تدعو إلى محاكمة جميع المشاركين في الانقلاب، دون الالتفات إلى مجتمع دولي ولا تصريح أممي.
فالبحرين دولة ذات سيادة يحق لها أن تدافع عن سيادتها وأرضها ضد عدوها، الذي مع الأسف الشديد أصبح يعلن عداوته للدولة ولا زال يتمتع بخيرها ويتمادى غروراً، وذلك عندما توهم هذا العدو أنه على حق، وذلك بعدما غض الطرف وتماهل معه أهل الحق.
إن الفتنة والتحريض والإشاعة التي تؤدي إلى هدر الدماء على أيدي العملاء الكارهين للحكم الذين يجاهرون بعمالتهم الذين والله لو كانوا في الدول الغربية وأمريكا لحكم عليهم بالإعدام، هذه الدول التي لم تجامل في سيادتها ولا تقبل المساومة على أمنها، ولا تعترف بمنظمات أممية ولا مجلس أمن، بل قد تحكم على هذه المنظمات لو تحدثوا ولو بلغة الإشارة لمنعت أي طائرة فيها فرد من أفرادها حتى من عبور أجوائها، أو قد تلاحقه حتى سلسلة جبال الألب وسلسلة الجبال الإسنكندنافية، وذلك كما تقوم به الطائرات الأمريكية بقصف الشعب اليمني والأفغاني والباكستاني والعراقي بدعوى ملاحقة مشتبه فيهم .. فقط اشتباه.
ولن تحل العافية ولن تتمتع البحرين بالأمن والطمأنينة طالما عملاء إيران يقودون حملة إعلامية مشينة على مؤسسات الدولة القضائية والأمنية، لا تقودها من روسيا ولا إسبانيا، بل تقودها في عقر الدار وفي صحيفة محلية، تنشر تحريضاتهم وإشاعاتهم على هيئة تحقيقات صحفية، وعلى مقالات من رئيس الصحيفة ومن كتابها، ومن خلال روايات وقصص على لسان قد يكونون أشخاصاً أموات أو لا وجود لهم، بعدما لم تطل المحاسبة والعقاب جميع الانقلابيين، حيث إن الحرب الإعلامية ضد أي دولة هي أخطر من حرب ميدانية، وها هي حملة إعلامية وتقارير كاذبة احتلت منها دولة عظيمة كدولة العراق، حيث اعترف بعدها المحتلون أنها تقارير كاذبة، هذه الحرب الإعلامية التي يشنها الانقلابيون هي الركيزة التي ستعتمد عليها خريطة الشرق الأوسط الجديد، التي لا تظنون أنها قد ألغيت أو صرف النظر عنها، بل قد تؤجل، أو يعيد رسمها، وما استمرار هذا الإعلام المعادي إلا نتيجة عدم الحسم والحزم من المؤسسات والجهات المعنية في الدولة.
وعودة بما بدئ به إن سكوت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق، وإذا ما ترك الباطل قوياً واستأسد، وإذا تصدى له أهل الحق تلاشى واضمحل، وعلى مؤسسات الدولة الإعلامية والأمنية المسؤولية الكبرى كي تخرس أهل الباطل وتقطع لسانهم عن البحرين، لأن أهل الحق والله يعيشون كدراً ما بعده كدر عندما يسمعون صوت الانقلابيين يسرح ويمرح بين صحيفة وبيان وموقع ومؤتمر.