دائماً ما أقول «لو خليت لخربت»، في دلالة على أنه مهما زادت نسبة الخطأ والمخطئين، ومهما زاد الفساد والمفسدين، ومهما زادت الأمور السلبية، إلا أن رحمة الله بنا ولطفه تفرض وجود «نقاط مضيئة» ممثلة بشخصيات تنأى بنفسها عن الأخطاء، وتحارب الفساد وتتحرى في رزقها الحلال، وتسهم في إبدال السلبيات بالإيجابيات.
هذه المعادلة يمكن أن توجد في كل قطاع، لكن من الجميل رؤيتها تتجسد في قطاع معني بالأعمال وبالتحديد لدى «بعض» رجال الأعمال الوطنيين، الذين تبين مواقفهم وأعمالهم الطيبة كيف أن جني الأرباح وحصد الأموال -رغم أهميته للتاجر- إلا أنه ليس المعيار الأول والمحرك الرئيس له بقدر ما هي مبادئه وقيمه وإخلاصه للبلد ورغبته في خدمتها وخدمة أهلها.
هناك العديد من العائلات التجارية في البحرين، أصحاب «البزنس» والذين ترى أياديهم البيضاء في كل مكان، عبر دعم البلد في بعض المشاريع، وعبر تلمس هموم الناس ومساعدتهم، وعبر بناء منشآت خدمية يتشاركون فيها حمل العبء والمسؤولية مع الدولة.
هؤلاء رجال تفخر بهم البحرين، وترفع لهم القبعة احتراماً وتقديراً.
اليوم أول شهر رمضان، وهناك كثير من التجار ذوي الأيادي البيضاء والقلوب النظيفة والمحبين للبلد يهبون لمساعدة الفقراء والمحتاجين، أغلبهم لا يعلن ذلك، ولا نعرف عن حراكه شيئاً، ولا يصل المجتمع عما يقومون به إلا ما يتناقله الناس، بالأخص من طالهم خيرهم ووصلتهم مساعدتهم ومن هبوا لإعانته وحتى إغاثته، والجميل أن بعضاً منهم بالفعل يطبق ما جاء في الحديث عن الرسول: «.. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله».
من هذه العوائل والشخصيات الوطنية المخلصة ذات الأيادي البيضاء رجال من الإجحاف ألا نميزهم بين أقرانهم في المجتمع، ومن الإجحاف ألا نوجه لهم التحية والشكر باسم عدد من البشر الذين شكروا الله أن سخر لهم مثل هؤلاء الرجال. وسأورد مثالين اثنين بناء على ما وصلني من قبل بعض الناس المعوزين والذين مروا في محن، مع التنويه إلى جزمنا بأن هناك غيرهم على نفس الشاكلة ممن يجتهدون ويخدمون البلد وأهلها لا يريدون بذلك جزاء ولا شكوراً.
الشكر والتقدير لعائلة «ناس»، ولما تقدمه للمجتمع، الشكر للشخصية الوطنية القديرة سمير ناس ابن الرجل الفاضل عبدالله ناس الذي مازال يسير على خطى والده ونهج عائلته في مساعدة كثير من العوائل وفي تقديم الخدمات للمجتمع، وآخرها بناء مسجد المغفور له بإذن الله الوجيه عبدالله أحمد ناس الذي يتسع لقرابة ألف مصل. هذه عائلة استحق عميدها وصف الوجاهة لحب الناس له، وللأيادي البيضاء لأبنائه على رأسهم ابنه سمير الرجل الوطني بمواقفه تجاه البلد وأهلها.
عائلة أخرى اسمها يتردد في أرجاء البحرين جراء أعمالها الطيبة وتعميرها لمساجد الله وبنائها المرافق الصحية والخدمية، عائلة كانو والتي قدمت نفسها في المجتمع البحريني ليست كعائلة هدفها الأوحد التجارة والربح والتوسع والتمدد، بل كل خير يطالها يطال معها المجتمع، فكم عائلة تساعدهم هذه العائلة الكريمة، وكم مرفقاً حيوياً في البلد ساهمت في بنائه وتعميره والإنفاق عليه؟! الكثير، وهو ما نراه ظاهرياً، والله عالم بما خفي من أمور.
بيت القصيد هنا، بأن لدينا في البحرين رجالاً وشخوصاً أياديهم بيضاء، قابلوا الخير الذي جاءهم من البلد وما باركه الله لهم في تجارته بالإحسان تجاه المحتاجين، وفي تعمير الأرض ومساعدة البشر. هؤلاء يستحقون إبراز عملهم حتى ولو كانوا يرفضون ذلك بغية الأجر والثواب من رب العباد.
شكراً لكم وبأمثالكم مازالت البحرين بخير.