دخل علينا يوم أمس شهر رمضان المبارك، نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يكون شهر خير وبركة على جميع العرب والمسلمين، كما نتمنى من الله العلي القدير أن يقدرنا على صيامه وقيامه، واحترام قيمه وفضائله، كما نتمنى أن يكون شهر خير على أهل هذا البلد الكريم، وأن يجنب الله البحرين كل سوء، ويجعها أرض أمن وأمان.
في شهر رمضان المبارك، ندعو الله أن يعين إخوتنا في كل مكان، خصوصاً أحبتنا في فلسطين المحتلة، وأن يلم شمل الأمة العربية والإسلامية على المحبة والألفة والخير، وأن يكون هذا الشهر خيراً من ألف شهر أو حتى من مائة شهر مما مضى، فنحن نرفع أكفنا لله سبحانه أن ينعم علينا بنعمة الأمن والعافية لنا ولكل شعوب الأرض.
إن للشهر الفضيل مجموعة من الخصوصيات التي يتمتع بها من بين بقية الأشهر الأخرى، فهو شهر الرحمة والمغفرة، وهو شهر الامتناع عن الأكل والشرب والإسراف، وهو شهر الإحساس بالفقير والجائع، وشهر مخافة الله، وذلك بالابتعاد عن نواهيه التي نهانا عنها، وتجنب الكذب والغش والاحتيال وكل أشكال المعاملات الفاسدة، فالله لا يريد منا أن نمتنع عن الأكل ولا نمتنع عن إيذاء الآخرين، ولا يرد منا أن نصوم عن الشرب ولا نصوم عن الخوض في أعراض الناس أو عن الكذب والكسل والخداع.
شهر رمضان المبارك هو مدرسة حقيقية لكل من أراد أن يصوم وفق المنهج النبوي، فالصائم لا يمكن أن يصوم عن الأكل والشرب فقط، بينما يمارس أبشع السلوكيات الكريهة في بقية ممارساته الحياتية اليومية، سواء في شهر رمضان أو في غيره من الشهور، وإلا لن يكون للإنسان الصائم من صيامه إلا الجوع والعطش، ففلسفة الصيام أكبر من أن يمتنع الإنسان عن أمرين أو أكثر، بينما يمارس كل الموبقات الأخرى التي تتعلق بحياة الآخرين دون رادع من ضمير أو دين.
الصائم الحقيقي هو الذي يستخدم الشارع بطريقة صحيحة ويقدس قوانينه، ويقوم بواجباته المهنية والعملية على أتم وجه، كما يجب أن يكون صومه دافعاً لأن يكون على خلق رفيع مع خلق الله، فالسائق يجب أن يحترم قواعد المرور، والموظف يجب عليه أن يحترم الوقت والعمل والجمهور، ومن لا يقدر على هذه القيم والسلوكيات النبيلة في شهر الله المبارك، فنصيحتنا له أن لا يتعب نفسه بالصوم، فلربما يكسب إثماً في إيذاء الناس، أكثر مما سيحصل عليه من أجر.
الدين المعاملة، والصوم من صلب الدين، وهو من أهم المعاملات، بل نحن بإمكاننا معرفة المسلم الحقيقي في شهر رمضان، أكثر من بقية أيام السنة من خلال اختبار بسيط، وهو معرفة مدى إخلاصه لعمله في نهار رمضان، ومدى تحمله أداء الأمانة والصدق.
نتمنى أن يكون صيامنا صياماً مقبولاً إنشاء الله، وأن يعاد علينا ونحن في حالٍ أحسن من هذا الحال.