الأمر الذي لا يكاد يختلف عليه اثنان مخلصان للبحرين يتمثل بأن بلادنا مستهدفة «أمنياً» طوال السنوات الأربع الماضية، وحتى الآن هي مستهدفة، بدليل ما تم الكشف عنه قبل يومين فقط بشأن مستودع المواد المتفجرة في دار كليب.
وعليه فإن الصورة واضحة تماماً لمن يريد أن يراها بنظرة وطنية متجردة بعيدة عن أية انتماءات وتحزبات، تتمثل بوجود «استهداف خارجي» صريح تتشعب طرائقه ووسائله، بدءاً من التدريب والإعداد، مروراً بالتمويل وصولاً إلى الإمداد والتهريب، وطبعاً في الجبهة الداخلية تستهدف بهذه الأشياء عناصر تلقت تدريبات وأقسمت بالولاءات الخارجية وتنفذ أجنداتها مستهدفة أمن وطنها واستقراره.
بحسب العرض الوافي الذي قدمه الرجل الوطني القوي في أفعاله وأقواله وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في اجتماعه مع مجلس النواب مؤخراً، أوضح بالأرقام والتسلسل التاريخي حجم العمليات التي تقوم بها أجهزة الأمن، في إطار تتبع عمليات التخطيط والإعداد ومساعي التنفيذ للعمليات الإرهابية، وحجم الخطوات الاستباقية التي تمت لمنع من يريدون الإضرار بالبلد وأهله من تنفيذ مآربهم الآثمة، إضافة لضبط المواد والمتفجرات والأسلحة التي يعمل هؤلاء على تهريبها لداخل البلد.
هنا أشدد على مقولة للوزير قالها على مسمع من النواب، وأكررها هنا ليستذكرها النواب ويستوعبوها مضامينها، حين يقول «لا يمكن رؤية الخطر دون اتخاذ أي إجراء حياله».
وبدورنا كصحافة وطنية دافعت ومازالت وستظل عن الوطن وأهله المخلصين نقول لمجلس النواب، وبالتحديد من رأى أنه «أمر عادي» المطالبة بخفض ميزانية وزارة الداخلية، بأن يفتحوا عيونهم جيداً، وأن يروا بهم كيف هي البحرين مستهدفة على الصعيد الأمني، وحجم محاولات التغلغل والاختراق، وأن تحدينا اليوم قبل أية مشاريع «ترف» أو «كماليات» لدى بعض الوزارات رصدت كأرقام في الميزانية، تحدينا هو إرساء الأمن والاستقرار في البلد قبل أي شيء.
بدون أن يكون لدينا أمن أولاً، لا يمكن أن يكون أي شيء آخر في اتجاه التنمية والتعمير والنهوض والتطوير. إذ ما فائدة ملايين تصرف على مشاريع يمكن أن تهدمها معاول الإرهاب في لحظات؟! ما فائدة ملايين تصرف على فعاليات ترويجية أو دعائية للبحرين أو حتى سياحية، يمكن لمجموعة من زجاجات المولوتوف الحارقة أن تغير نظرة العالم بشأن البحرين من الإيجاب إلى السلب؟!
إن كان بعض النواب تدفعه بعض القناعات والانتماءات ليستسهل دور وزارة الداخلية وأجهزة الأمن، فندعوه لمراجعة موقفه. وإن كان بعض النواب يريد أن يوازي دور وزارة الداخلية بوزارات أخرى من ناحية الأهمية والمشاريع ذات الأولوية، فندعوه أن يحكم عقله ويتذكر المعادلة أعلاه، بلا أمن لا قيمة لكل شيء آخر تفعله وتغدق عليه الأموال.
لكن إن كان بعض النواب يصرون على خفض ميزانية وزارة الداخلية تحت أي مبرر كان، وأن هذا الإجراء حتمي ولابد منه، بل ومضطرون لاتخاذه. إن كان كذلك، فإننا نقول بأنه من باب أولى خفض نفقات مجلس النواب، من باب الحرص يجب وقف السفرات الخارجية لأقاصي الأرض بحجة التعرف على تجارب الغير «13 سنة عمل برلماني ومازلتم لم تتعرفوا على تجارب الغير؟!!!»، من باب أولى إلغاء المزايا النيابية الجديدة التي أقرت بشأن المكافآت والتقاعد وغيرها. إذ كل هذه الأموال والموازنات غير ذات أهمية بالنسبة لنا كمواطنين، إذ مع شديد احترامنا لمجلس النواب ككيان ومنظومة، لكن بالنسبة لنا المجلس و»مزايا أعضائه» ليس ذا أولوية أمام سلامة وأمن البلد وتعزيز جبهته الأمنية الداخلية.
وعليه نتمنى من مجلس النواب بدلاً من محاولة إضعاف وزارة الداخلية، العمل على دعمها وزيادتها، وإن تطلب منكم «القص» و»خفض» ميزانية قطاع آخر واقتراح منح الزيادة للداخلية، وحبذا لو تبدؤون بأنفسكم، أقلها تقديراً لمواقف وزارة برجالاتها الذين قدموا شهداء ومصابين وأشخاص يرابطون على ثغرات هذا الوطن لحفظ أمنه وأمن أهله.
اتجاه معاكس:
نقول هنا «صدقوا أو لا تصدقوا»، إذ في عام 2007 وافق مجلس النواب «بوجود جمعية الوفاق المعارضة فيه» على طلب زيادة ميزانية وزارة الداخلية بواقع 150 مليون دينار بهدف تطوير الوزارة على امتداد خمسة سنوات!! واليوم يطالب نواب «غير معارضين» بتقليص ميزانية الداخلية، رغم ما مرت به البلاد من محاولة اختطاف، ورغم ما يرونه كل يوم من ضبط خلايا إرهابية وضبط محاولات لتهريب أسلحة والكشف عن مستودعات لمواد التفجير!!
قالوها .. عش رجباً ترى عجباً!!