الندوة المغلقة التي عقدها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» الأربعاء الماضي حضرها نحو عشرين مشاركاً من عدد من القطاعات، وتحدث فيها عدد من الباحثين بالمركز، وطرحت خلالها الكثير من الأسئلة التي عبرت عن القلق الذي فرضه قرب توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب والمتوقع أن يتم بعد أسبوع من الآن.
ولأن قواعد الندوة المغلقة تمنع التطرق إلى تفاصيل ما دار فيها، ولأن أسلوب مركز «دراسات» يفرض الانتظار حتى تحين اللحظة التي يتم فيها الإفراج عن كل ذلك بنشره في كتاب متخصص، وبسبب أهمية الموضوع وحدثيته سيقتصر الحديث هنا على الإشارة إلى بعض جوانب الندوة التي كان لي شرف حضورها بدعوة من المركز.
ولعل عنوان الندوة «الاتفاق النووي الإيراني» يعين على تبين بعض تلك الجوانب، حيث من الطبيعي أن يكون المشاركون قد ناقشوا الخيارات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون تجاه الاتفاق والتداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية له.
الملف تناوله خمسة من الباحثين الشباب بالمركز، أذهلوا الحاضرين بقدراتهم في البحث وأثروا الموضوع بشكل بارع، حيث تناول كل واحد منهم محورا معينا قدمه على شكل ملخصات تحفز على الاستفسار عن التفاصيل، فتحدث أحدهم عن التداعيات الاقتصادية وتناول آخر تاريخ الملف النووي الإيراني وشرح الآخرون جوانب مختلفة منه حتى اكتملت الصورة، وأعانت الحاضرين على المشاركة بمداخلاتهم وطرح الكثير من الأسئلة التي بدورها حفزت الباحثين ورأى المركز أنها جديرة بالدرس والبحث وتعين على استكمال الصورة.
من النقاط التي تم مناقشتها في الندوة خلفية العلاقات الإيرانية الأمريكية وتطورها وقصة تغير الشعار من «الموت لأمريكا» إلى المصافحة والبحث في المصالح. وكذلك واقع انتشار النووي في العالم ومعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والقوة العسكرية الإيرانية والتغيير المتوقع في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون، وما إذا كان الاتفاق النووي سيجعل من إيران جارا منضبطا أم سيدفعها إلى استعراض عضلاتها، والبعد الاقتصادي للاتفاق والكيفية التي سيكون عليها حال إيران والمنطقة عند رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، إضافة إلى المدة الزمنية للاتفاق واحتمالية تأثره بسبب إصرار إيران على رفضها تفتيش المواقع العسكرية، وما إذا كان الخيار العسكري سيظل قائماً بعد توقيع الاتفاق.
ورغم أن هذه الأسئلة والمعلومات يطرحها الصحافيون في كل مكان ويهتم بها الباحثون ويناقشونها عبر مختلف وسائل الإعلام بشكل يومي؛ فإن ما ميز هذه الندوة هو التصورات التي خرجت بها والقضايا التي أثارها الباحثون والتفاصيل التي غاصوا فيها.
من الأسئلة الأخرى التي طرحت في الندوة سؤال عما إذا كان الاتفاق النووي سيعمق التعاون الخليجي الأمريكي أم سيزيد من خلافاتهما حول القضايا الإقليمية؟ وهو السؤال الذي كان محور ندوة متخصصة عقدت في واشنطن قبل أيام وحضرها عدد من الباحثين الخليجيين. وأيضاً لقاء أوباما بقادة التعاون في كامب ديفيد وما إذا تمكن بالفعل من طمأنتهم بعدم تضررهم من الاتفاق النووي؟ كذلك الكيفية التي يمكن بها التأكد من عدم وجود اتفاق سري أو بنود في الاتفاقية لن يتم الإعلان عنها قد تعين إيران على تسيد المنطقة وتحقيق حلمها في استرجاع الإمبراطورية الفارسية؟ وأسئلة أخرى كثيرة عبرت عن حالة القلق التي يمكن أن يوجدها ذلك الاتفاق الذي صار قاب قوسين أو أدنى.
بالمناسبة؛ مركز «دراسات» مؤسسة فكرية رائدة تساهم في القرارات الاستراتيجية في مملكة البحرين والمنطقة، يعمل كبيت خبرة، يجري البحوث ويقترح الحلول المبتكرة للمشاكل المعاصرة والناشئة في المجالات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وقد اتخذ القائمون عليه أخيراً خطوة مهمة بالانفتاح على المجتمع عبر عقد ندوات مغلقة ومفتوحة يشارك فيها مهتمون ومتخصصون من مختلف القطاعات.