لم أستغرب من فحوى الخبر المنشور في «الوطن الرياضي» يوم أمس والذي يشير إلى مشاركة عدد من لاعبي منتخبنا الوطني لكرة القدم في عدد من الدورات الرمضانية أو دورات الحواري الصيفية بحسب ما جاء في الخبر...
«من أمن العقوبة أساء الأدب».. هذا المثل المعروف يختزل في مضمونه كل الأسباب والدوافع التي تجعل لاعبي المنتخبات ولاعبي الأندية بشكل عام لا يكترثون بأي انتقادات حول تجاوزاتهم لكل قواعد الالتزام والانضباط نظراً لغياب العقوبات الرادعة لا من قبل الاتحاد المعني باللعبة ولا حتى من الأندية نفسها!
أذكر أن الاتحاد البحريني لكرة القدم كان قد أصدر قراراً بمنع لاعبي الأندية المقيدين رسمياً في كشوفات الاتحاد من اللعب في الدورات الصيفية، وعندما خالف بعض لاعبي الأندية هذا القرار لم يتردد الاتحاد في حرمان المخالفين من اللعب مع أنديتهم لنصف الدوري دون النظر لاسم وتاريخ أولئك اللاعبين وأنديتهم، الأمر الذي أدى فيما بعد إلى التزام الجميع بقرار الاتحاد...
حدث ذلك في أواخر ستينيات القرن الماضي حيث كان جميع اللاعبين من الهواة ولم يكن من بينهم محترف واحد، ولكنها الأنظمة والقوانين الأدبية التي يجب أن تحترم، على عكس لاعبي هذا الزمن الذين تحولوا إلى مجال التعاقدات الرسمية التي يتقاضون من ورائها مبالغ مجزية تحتم عليهم الالتزام بالعديد من بنود العقد المبرم بينهم وبين أنديتهم كما تحتم عليهم الالتزام بضوابط تمثيل المنتخبات الوطنية، هذا إن كانت العقود تتضمن مثل هذه الشروط، أما إن لم تكن تتضمنها فالمصيبة أعظم!!
شخصياً لم أستغرب ما جاء في الخبر المذكور لأنني ومعي العديد من زملاء المهنة كنا قد تطرقنا إلى مثل هذا الموضوع عدة مرات في سنوات قريبة ماضية ولكن لا حياة لمن تنادي في ظل صمت الأطراف المعنية بمحاسبة ومعاقبة المخالفين ورحم الله أيام الإدارات الصارمة!
من يتحمل مسؤولية متابعة ومحاسبة لاعبي المنتخبات ومن بينهم لاعبو منتخبنا الوطني ليسوا المدربين بل الإداريين وأخص بالذكر هنا مدير المنتخب الذي يستوجب عليه المتابعة والتحقيق ومن ثم المحاسبة الرادعة فمن غير المعقول ولا المقبول أن يشارك لاعبو المنتخب الوطني في دورات ترفيهية لمجرد إغراءات مادية متواضعة في الوقت الذي تنتظرهم فيه استحقاقات رسمية ذات صلة مباشرة بتمثيل الوطن!
لكن ماذا نقول في هذا الزمان الذي انقلبت فيه المبادئ والقيم رأساً على عقب وأصبح الخطأ صواباً والصواب خطأ، وماذا نقول للاعبين أصبحت المادة هي شغلهم الشاغل وهمهم الأول بعد أن تأكدوا بأن أحداً لا يجرؤ على محاسبتهم ومعاقبتهم بل على العكس من ذلك قد يجدون من بين إدارييهم من يمهد الطريق لهم للمشاركة في مثل هذه الدورات والأمثلة متاحة على أرض الواقع!!