لا يوجد تقريباً مثقف، كاتب، شاعر، أديب، فنان شيعي بحريني يمكن أن يعترض على جرائم إيران، وإن وجد فبعض الاستثناءات لا تلغي القاعدة.
منذ أربع سنوات ونحن تتقاذفنا الأمواج ونتعرض لهجمة إعلامية إيرانية شرسة بمساعدة الجوقة الوفاقية الطائفية التي تعيش في رغد من العيش في الخارج من خير إيران، وفي كل يوم وليلة تقرأ قوى الشر الخبيثة التابعة للولي الفقيه الفاتحة على روح الوطن وهو حي يرزق، وكل حين وآخر نكتشف خلايا إرهابية تقف خلفها عمائم «قم» تستهدف أمن البحرين، ومع ذلك بصراحة وبدون مواربة فإن النخبويين الشيعة في البحرين يتراوحون بين الخرس التام والمواربة.
لم نسمع لأحد منهم بياناً أو تعليقاً على جرائم علنية ومتفوقة في الانحطاط ترتكبها ميليشيات الولي الفقيه يومياً في الطرقات والشوارع، تبدأ بحرق الإطارات وسكب الزيت وتعريض سلامة الآمنين للخطر، ولا تنتهي عند الهجوم على رجال الأمن بالمولوتوف وسلاح الشوزن وكمائن مفخخة بقنابل محلية الصنع يتم نصبها على قارعة الطريق، بل تتعداها إلى ضبط مستودعات متفجرات تم إعدادها لتخزين وتصنيع كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والأدوات التي تدخل في تصنيع العبوات المتفجرة بتقنيات مختلفة، وهذا ما كشفت عنه وزارة الداخلية مؤخراً في أحد المنازل في قرية «دار كليب»، رغم أن التنديد بمثل هذه الأفعال هو من صميم بل من واجبات النخبويين.
وبعيداً عن المناكفة السياسية، وعلوية حرية الرأي والمسائل الشخصية، فإن التضامن الوطني بين أطياف الشعب وفي مقدمتهم أهل الفكر، الطبقة المتعلمة، النخبة المثقفة، هي إحدى الأدوات اللازمة المطلوبة لمكافحة الإرهاب والتطرف الذي نعيشه اليوم، ومن الواضح أن الكل مستفيد من هذه الدولة، وأن هناك اعتماداً ظاهره «بيزنس»، وهذه معضلة حقيقية على الأقل بالنسبة لي، لأني مؤمن أن الوطني الحقيقي هو أول من يعطي وآخر من يأخذ، ولكن كل هذا لا يهم، المهم هو تعزيز المواقف اتجاه هذه البلد وقيادته، فمسك العصا من المنتصف لا يخلق توازناً، بل يعطي إيحاء أن هذا الشخص يهوى الرقص على كل الحبال!!
ليس أمامك أيها النخبوي الشيعي سوى أحد خيارين؛ إما الانحياز للدولة، وقضائها، وشرطتها، ومؤسساتها، والغالبية الكاسحة من شعبها بجميع أطيافه، التي خرجت بمئات الألوف في الفاتح، وإما الانحياز للإرهاب الذي تمارسه جماعة الولي الفقيه.
تتوقف الأسئلة كلها بغتة، ولكن يبقى سؤال واحد وحيد يكاد ينغص على حياتي وهو: ما الذي فعلته إيران لبعض النخبويين الشيعة، أجبرهم على الصمت؟ بل ما الذي قدمته إيران لكتاب رأي وأقلام صحافية شيعية دفعهم للاستماتة في الدفاع عنها بل والصمت عن كل جرائمها بحق وطنهم البحرين؟
بل على عكس كل الأكاذيب التي يروجونها لها في مقالاتهم وصحفهم، إيران تجتمع فيها كل خصال الدولة المارقة بامتياز، فهي لا تحترم مقررات الأمم المتحدة التي تنص على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والأهم علاقات الأخوة والدم والجوار، وتاريخ علاقاتها مع جيرانها من الدول الأخرى مليء بالحروب والاعتداءات والمؤامرات والتدخلات بل والاحتلالات، كما لا تحترم المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الذي يجرم دعم وتمويل وتدريب ميليشيات وعصابات إرهابية لإثارة الاستقرار في دولهم، ولا حتى مبادئ الإسلام التي تحرم إثارة الفتن والنعرات الطائفية بين أبناء المذاهب الإسلامية.
أحسد جداً هؤلاء المتلونين الذين يلعبون بغباوة لعبة «مواطنون من أصول بحرينية» رغم أنه لفظ برمته عنصري يدعو إلى التمييز وضد مبادئ حقوق الإنسان التي يتشدقون بها، يذكرني بلعبة «نحن الباقون وأنتم الراحلون».. هل تذكرونه؟ ثم وبعد أن انتهى «الدكتور» من اللعبة، جاء ليلعب علينا لعبة «التعايش والحوار الوطني وخطابات الكراهية».
في ظل هذا المنطق المتخاذل والمؤسف والذي يتحرك بإيعاز مذهبي قح، أصبح مطلوباً من بعض النخبة، بمثقفيها وفنانيها وشعرائها وأدبائها، ألا يظهروا أمام الرأي العام، إلا بمساحيق تجميل أو أقنعة مزيفة، حسب الهدف المرسوم والمقصود لكسب مرضاة الولي الفقيه، أما أنت أيها الشعب فإياك أن تصدقهم مرة أخرى، إذا ما حدثوك أو كتبوا أو نثروا أو غنوا عن الولاء والانتماء والوطنية وحب البحرين.