تصريح أمين عام جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» رضي الموسوي بمناسبة إطلاق سراح الأمين العام السابق للجمعية إبراهيم شريف قبل انتهاء مدة محكوميته البالغة خمس سنوات، كان لافتاً ومختلفاً عن تصريحات «السياسيين» في الجمعيات السياسية الأخرى في مثل هذه المناسبات، حيث اهتم بالإشادة «بقرار العفو الملكي» بالإفراج عن شريف، وقال عنه إنه «خطوة إيجابية ومقدمة للانفراج الأمني والسياسي وبدء مرحلة جديدة من تاريخ الحياة السياسية في البحرين بما يحصن الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتعرض لها بلادنا سواء على المستوى الداخلي، حيث تحتاج البحرين إلى دفعة قوية في عملية الإصلاح، أو على المستوى الإقليمي حيث تداعيات الحروب الإقليمية، وخصوصاً في اليمن والعراق وسوريا»، كما دعا إلى «فتح صفحة جديدة من الانفتاح والتسامح والوحدة الوطنية التي هي أساس الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي».
الاختلاف يكمن في التأكيد على أن خروج شريف جاء بقرار بالعفو من جلالة الملك، ويكمن في التعبير عن الامتنان بهذه الخطوة، ما يؤكد الفارق بين الجمعيات التي ترتكز في مواقفها على تاريخ من العمل السياسي وبين الجمعيات حديثة العهد بهذا المجال، والتي تركز في تصريحاتها في مثل هذه المناسبات على أقوال ناقصة لا تنسب الفضل لأهله وتسيء إليها.
هو فارق بين العقل وغياب العقل، بين من يمتلك التجربة ومن يعاني من غيابها، بين من يسير في طريق الحكمة ومن يهجر هذا الطريق ويفتقر إلى الحكمة. لهذا فلن يكون مستغرباً لو أن هذه الخطوة قوبلت بعمل إيجابي من الدولة تحقق عملية «التبريد» التي يدعو إليها الموسوي باستمرار.
خطوة مهمة كهذه إن لم تقابل بالشكر والتقدير من الجمعية ذات العلاقة لا تشجع الدولة على المضي في الطريق المنشود والموصل إلى وضع نهاية لهذا الذي صرنا فيه، لذا فإن أحداً لا يمكن أن يصف تصريح أمين عام وعد إلا بالعاقل والمتزن والواقعي والساعي إلى المشاركة في تمهيد الطريق الموصل إلى النهاية المنشودة.
هذا الفارق الواضح بين تفكير بعض الجمعيات السياسية «وعد والتقدمي بشكل خاص» وتفكير الجمعيات المتطرفة «الوفاق والوحدوي بشكل خاص» يدفع نحو اقتراح أن تستفيد الحكومة من الأولى التي رغم كل أخطائها ومواقفها السالبة في السنوات الأربع الأخيرة، تظل الخيار الذي يمكن اعتباره شريكاً في العمل السياسي، ويكفي أنها تستند إلى تاريخ يعينها على التفكير بواقعية وبطريقة لا تستوعبها الجمعيات الأخرى التي تمكن منها ائتلاف فبراير إلى الحد الذي صار موضوع شطبها من الساحة في يده.
التعبير عن الامتنان حق وواجب؛ حق للدولة ولجلالة الملك الذي أراد أن يوفر الفرصة كي تستفيد منها «القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة»، وواجب على المستفيد من إطلاق سراح إبراهيم شريف والمعني به وهو هنا جمعية وعد، وهذا «سلك العرب»، فالشكر لمن يستحقه ونسب الفضل لأهله واجب ويدخل في باب «السنع».
تصريح أمين عام وعد الذي أثنى فيه على خطوة جلالة الملك بإصدار قرار ملكي بالعفو عن إبراهيم شريف وإطلاق سراحه قبل أن يستكمل مدة محكوميته عبر عن رغبة في المشاركة في تهيئة الظروف التي تعين على تلمس طريق الخروج من الأزمة، وكشف في نفس الوقت عن حالة البؤس التي تعيشها جمعيات جديدة على العمل السياسي لاتزال تتخبط ولا تعرف كيف تستفيد من الفرص التي يعود خيرها على الجميع، لأنها لا تنظر إلى أبعد من موطئ قدمها وتنقاد من قبل من لا تجربة سياسية لديه ويفهم العمل السياسي على أنه أعمال تخريب وفوضى