بعض الناس يربط الرزق بالمال والنعمة بالأكل، فالرزق هو كل ما قدره الله عز وجل على عباده من مال وذرية وزوج أو زوجة وصحة وعلم وحسن الخلق وغيره كثير. والنعمة هي كل ما أنعم الله به من رزق كالمال والولد وغيره.
فالإنسان محاط بنعم كثيرة لا يشعر بها المرء إلا عندما يفقدها أو على وشك فقدانها، الأمن والأمان مثال لهذه النعم، وهما من أعظم النعم الذي يمن الله على عباده، فلا خير لمال أو حرية أو ديمقراطية بلا أمن وأمان. فلا حياة مستقرة وآمنة عندما تنشر جماعات الإرهاب وتطغى في البلاد، فكيف تكون الحياة «وحياتك على كف عفريت» تخاف على نفسك وعلى أولادك وعلى عرضك ومالك من شر الإرهاب والإرهابيين، فمن منا يحمد الله على هذه النعمة المباركة، وما تتمتع بها بلادنا من أمان بفضل من الله ومن ثم بفضل سواعدنا وجنودنا رجال الأمن، فصقور المملكة يحرسوننا بعد الله في كل بقعة من بقاع هذه الأرض الطيبة، ويعملون ليل نهار لتعقب الإرهابيين والمجرمين والمهربين، من منا يدعو الله ليل نهار حتى تظل هذه النعمة وينعم بها أبناؤنا من بعد.
وكم أسرة تحمد الله وتشكره على نعمة الأولاد والأزواج، فالأولاد رزق من الله البعض محروم منها، ونعمة الزواج هي هدية من الله عز وجل للناس، فتأملوا دعاء زكريا عليه السلام عندما قال (رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين). فالترابط الأسري أيضاً نعمة عظيمة تمهد للاستقرار النفسي لجميع أفراد الأسرة، فكم واحد يحمد الله على نعمة الأولاد، كم أب أو أم ادخروا صداقة أبنائهم وكسبوا مودتهم، كم أب احتضن أبناءه وكان لأولاده نعم المعلم ونعم المثال الأعلى في سلوكهم ومعاملاتهم، كم أم هي صديقة لأبنائها ومشجعة لقدراتهم وإبداعاتهم، فاحمدوا الله على ما أعطاكم وسخروا سبل السعادة لكم ولأبنائكم فهم والله كنز لا يقدرون بثمن.
شهر مضان شهر يدعو للتأمل، يدعونا بأن نحمد الله على النعمة الأولى والعظمى ألا وهي نعمة الإسلام، شهر رمضان فيه الكثر من النعم التي لا نشعر بها لأنها أمامنا وبين أيدينا، من نعمه هو أننا نجد ما نفطر عليه. من نعمه أيضاً الجلوس بين أسرتنا حول مائدة الإفطار، ونملك سقفاً يؤينا، وصحة قادرين على الصيام والقيام والصلاة والعبادة، كم شخص شكر الله بأن الله أعطاه العمر حتى يكون من قافلة الصائمين، وحمده بأن الله يسر كل عسير.
كل ذلك لأننا بصراحة ننعم بالأمن والأمان، وهذه الأرض الطيبة هي من أعظم النعم علينا بعد نعمة الإسلام، فأين أمان العراق وأمن سوريا، كيف كانت اليمن وكيف أمست وأصبحت، ما هي حال اللاجئين والهاربين من ظلم نظام الأسد، كيف كانت العراق ومن أودى بها إلى الهواية، أهل بورما على ماذا يفطرون؟!
مؤسف جداً عندما يُفقد النظام والأمان والاستقرار في البلاد ففي فقدان ذلك، يفقد كل شيء حتى طعم الحياة، فمن يظن أنهم سوف تضيع أوطانهم في يوم من الأيام وتتلاشى نعم الله عليهم، باتوا لاجئين في مخيمات لا يعلمون متى ستعود أوطانهم يتنعمون بنعمة الأمن والاستقرار.