انتقل إبراهيم شريف من دور ضيف شرف في الصفوف الأولى، يقدم الورد لرجال الأمن مع علي سلمان، ليأخذ دور الزعيم الذي سيقف نداً للدولة. هذا ما شهد عليه حديثه الأخير حال خروجه من السجن حين قال: «.. لن يهدأ له بال قبل أن يجد آخر شخص من إخوانه الموجودين في السجن خارجه، ويرى آخر شخص من آباء وذوي الضحايا انتصف لابنه، وآخر مواطن محروم من حقوقه لأسباب طائفية أو اقتصادية حصل على حقوقه».
لم يتوقف حديثه عند ذلك بل قال: «.. إذا لم تجد السلطة حلاً سياسياً سيتحول هذا الرماد إلى حريق هائل، فعلينا أن نعمل عملاً دائباً من أجل أن نصل إلى حل سياسي مع السلطة، ولدينا عمل طويل، وإن شاء الله نحقق انتصاراً للوطن بأكمله، ولدينا وثيقة المنامة هي الوثيقة الأساسية التي اتفقت عليها أغلب قوى المعارضة»، وهكذا يضع نفسه نداً للدولة حين يعلن أنه سينتصر بعد انتقامه من الدولة لذوي من أطلق عليهم الضحايا ويصفي السجون، إنه الدور الذي يؤسس له في المؤامرة الانقلابية القادمة بأن تظهر بوجه «جديد»، حتى يتفادوا أحد أهم أسباب فشل المؤامرة الانقلابية بالنسبة للمجتمع الدولي والتي تمثلت بكون زعاماتها من طائفة واحدة.
هذا الخطاب يدلل على أن هناك تغييراً جذرياً في خطوط المؤامرة القادمة، خاصة بعد أن خفتت أصوات الانقلابيين من جمعية الوفاق، وانقطعت خطابات التهديد والوعيد، ليفرغوا الساحة لوجوه محسوبة على «السنة»، ومنهم المدعو إبراهيم شريف، ووجوه أخرى مهدت لها الصحيفة الانقلابية باستضافتها على صفحاتها، ومنها ما يسمى «ائتلاف شباب الفاتح»، والذي يحمل موقعه الإلكتروني اسم «تيار سياسي وطني»، وعدد من الوجوه الأخرى التي ستظهر تباعاً، وها هي إحدى دعوات علي سلمان في مارس 2014 تؤكد هذا التغيير في هوية المؤامرة القادمة، حين قال: «إذا كان هناك في هذا الوطن من يستحق أن يكون رئيس وزراء فهو إبراهيم شريف القابع في السجن».
إن المؤامرة الانقلابية مستمرة ويخطئ من يظن أنها خفتت.
ولكن يبقى الحزم والحسم في هذا الاحتمال بيد الدولة، حين تتصدى لأي خطاب أو ندوة تدعو للخروج على الدولة بدعوى مظلومية أو حقوق شعبية، خاصة أنه ورغم مرور أربع سنوات ومازال جمر المؤامرة يغلي تحت أقدامنا في كل مكان، وذلك بعد أن تركت الدولة الإعلام الانقلابي دون محاسبة، في الوقت الذي نرى فيه الدول الخليجية الأخرى تتصدى بكل حزم لكل من يحاول أن يمس بأمن الدولة أو يحرض عليها حتى لو كان احتجاجاً على سياسة اقتصادية أو على مطالبات شعبية تأخذ طابع الفوضى والتحريض على الدولة، فكيف إذا كانت هذه المظاهرات أو الخطابات أو الندوات أو الإعلام تدعو إلى الانقلاب على الدولة، كما هو في خطاب إبراهيم شريف، الذي ما أن خرج من السجن إلا طالب بالاقتصاص من الدولة ووعد بالانتصار عليها.
إن التهديد والوعيد لا يحتاج إلى مجهر ولا تحليل فهو واضح وضوح الشمس، فشريف يريد الاقتصاص من الدولة، وإطلاق سراح الإرهابيين، وسيتزعم الجولة القادمة لتأخذ المؤامرة الانقلابية هوية أخرى، حتى يتمكن مجلس الأمن من التدخل بذريعة ثورة شعبية تطالب بإسقاط النظام، حيث لن يتأخر مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة هذه المرة في جر الدولة إلى جنيف، كما فعل مع اليمن، حين تمت دعوة الدولة اليمنية والحوثيين للجلوس على طاولة واحدة، كي لا تنتصر الدولة على الحوثيين، ثم يتقاسم الحكم فيها، وكذلك يخطط للبحرين.
إن خروج إبراهيم شريف من السجن والتفاف أتباع الوفاق حوله، وهذا الخطاب والإعلام الانقلابي الذي يصوره الآن زعيماً، كلها ملامح تؤسس لاستراتيجية مؤامرة انقلابية بهوية جديدة، وقد خدمها غياب علي سلمان عن الساحة، فتغيير الوجوه ضروري لإحياء المؤامرة وتفادي إيران لخطئها بأن جعلت زعماء المؤامرة من لون واحد.