في أول تصريح تلفزيوني له بعد قرار العفو الملكي، قال الأمين العام السابق لجمعية «وعد» إبراهيم شريف إن «المخرج من الذي صرنا فيه هو التسامح»، وأضاف ما معناه أنه لا بد من نسيان مرحلة مضت لنتمكن من العيش في وئام في مرحلة تأتي.
أما الرد عليه فجاء في نفس اليوم، حيث أعلن ما يسمى بائتلاف شباب فبراير بأن التحضيرات جارية لدفع «جماهير الثورة» إلى «الوجهة الجماهيرية القادمة»، والتي لم يعلن عنها بشكل واضح ولكن تم التمهيد لها بتداول صور لميدان اللؤلؤة «استحضارا لذكريات ميدان الشهداء الخالدة»، وكذلك بقيام «فرسان الميادين» بقطع الشوارع العامة والتسبب في أذى الناس «تعبيراً عن تضامنهم وتمسكهم بأهداف الثورة» وبرمي «نيران الدفاع المقدس» على رجال الأمن.
ورداً على الأمين العام الحالي لـ «وعد»، رضي الموسوي، الذي اختار أن ينسب الفضل لأهله فأشاد بوضوح بقرار العفو الملكي إطلاق سراح إبراهيم شريف ألقى نائب الأمين العام لجمعية الوفاق حسين الديهي بياناً مطولاً أكد فيه تمسك الوفاق بأمينها العام المحكوم عليه بالسجن أربع سنوات.
وبعيداً عن كمية الأخطاء التي وقع فيها الديهي وهو يتلو ذلك البيان، فإنه بدا وكأنه رد على «وعد» وانتقاد لها بقبولها تغيير أمينها العام فترة سجنه، الأمر الذي يؤكد أن الوفاق لا تزال دون القدرة على الاستفادة من التجارب التي مرت بها، ولا تزال تعمل بعواطفها وتجد صعوبة في تكييف نفسها مع المتغيرات في الساحة.
إصرار الوفاق على التمسك بعدم تسليم منصب الأمين العام لشخص آخر يشبه تماماً إصرار شباب فبراير على العودة من جديد إلى حيث كان الدوار ذات يوم، لكن إذا كان يمكن قبول تفكير شباب فبراير كونهم لا يمتلكون الخبرة السياسية ويعتقدون أنهم يخونون تحركهم إن لم يفتعلوا المواجهات مع رجال الأمن؛ فكيف يمكن قبول تفكير القياديين بجمعية سياسية تقول عن نفسها إنها الأكبر وإصرارهم على أن يظل سلمان في منصبه حتى وهو محكوم عليه بالسجن بكل هذه المدة؟
هذا التناقض في التفكير وفي القرارات الذي تعيشه «القوى الوطنية المعارضة» هو الذي ينبغي أن يحظى بأولوية دراسته والبحث فيه من قبل المنتمين إلى الجمعيات السياسية، فليس معقولاً أن يدعو أحدها إلى التهدئة والتسامح بينما تدعو الأخرى إلى التصعيد والمطالبة بالقصاص، وليس معقولاً أن يدعو أحدها إلى التكيف مع المستجدات بينما تدعو الأخرى إلى تحدي كل شيء والإصرار على كل شيء واعتبار التكيف مع أي ظرف تنازلاً وهزيمة.
الجو العام هذه الأيام يوحي بأن في الطريق أخباراً طيبة يمكن أن تؤدي إلى حصول انفراجات مهمة تكون سبباً في خروجنا من هذه المشكلة التي أرقت الجميع، وهذا يعني أن على الجميع أن يساهم في تعزيز هذا الإحساس وتقديم ما يعين على التشبث بالأمل، لا أن يصر على أمور يؤدي الإصرار عليها إلى تعقيد المشكلة أكثر وأكثر وإلى تأخير كل حل ممكن وتخريب كل شيء.
المرحلة التي نمر بها لا تستوعب العناد وإنما تستوجب تقديم كل التنازلات الممكنة، فمن غير هذا لا يمكن أن نصل إلى أي مفيد، ومن غيره ستضيع كل فرصة جديدة تلوح مثلما ضاعت من قبل الكثير من الفرص التي لو تم استغلالها كما ينبغي لتجاوزنا ما نحن فيه منذ زمن.
ما ينفع اليوم هو كلام العقل، ما ينفعنا هو غض الطرف عن كثير من الأمور وتقديم الكثير من التنازلات، عدا هذا سنظل نراوح في مكاننا ونجتر آلامنا وتتعقد مشكلتنا ونصير جميعاً هدفاً لمن يريدون بنا السوء، وهم كثر.
المرجو أيضاً ألا يكون حماس البعض ودعوته للتسامح لزوم المستجدات.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}