ليس هناك أجمل من أن نسمع «أي تهجم أو تطاول على حق المملكة السيادي أو انتقاص من شريعتها الإسلامية أو المساس باستقلال قضائها ونزاهته، يعد تدخلاً في شؤونها الداخلية، وهو أمر لن تسمح به ولن تقبله على الإطلاق»، هذا ما قاله سفير المملكة العربية السعودية ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة، فيصل طراد، في كلمته التي ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف في 22 يونيو 2015.
هذه الكلمات التي تبرد نار الجوف في الرد على الأمم المتحدة وعلى دولة الأقزام التي تتدخل في شأن البحرين السيادي وتمس بنزاهة قضائه، والرد على كل دولة مهما عظمت مكانتها ومهما بلغ بأسها، وأي منظمة من المنظمات المأجورة التي مع الأسف وجدت لها مكاناً تتاجر فيه وتستثمر، عندما استقبلتها البحرين واستضافت أعضاءها، نعم نرد رداً بالكلام والفعل، إذ إن ردود الفعل الوقتية أو استدعاء ذاك السفير للعتب على ما ورد على لسان رئيس دولته أو على لسان أعضاء برلمانه، أو التجاوب مع مجلس حقوق الإنسان بجنيف وذهاب الدولة للدفاع عن نفسها، فهذا أمر صار بالنسبة لهم مشجعاً.
لم يتوقف الإعجاب بكلمة المملكة عند هذه الجملة؛ بل تواصل في كل كلمة جاءت على لسان السفير، وهو ما ذكره «لاحظت المملكة أن بعض التقارير المتعلقة بمواضيع حقوق الإنسان، وبعض الدول التي تريد أن تبني عليها واقعاً جديداً قد أفرغت مبادئ حقوق الإنسان من مضامينها السامية، وجنحت إلى تسييسها واستغلالها في التعدي والهجوم على الحقوق الأساسية للدول، بمعايير لا يمكن وصفها إلا بالانتقائية والازدواجية لخدمة أهداف سياسية ودون أي احترام لحق الآخرين في التمتع بخصوصيتهم الثقافية والسياسية»، إنها كلمة بالفعل تستحق الإعجاب والحفظ في الذاكرة، حتى نتمتع بالقوة والصلابة في الرد على هذه المنظمات وهذه الدول والتي لم تتوقف يوماً عن الانتقاص من سيادة البحرين، حتى في أبسط قضاياها، وإن كانت نقطة أمنية لحماية أرواح المواطنين وسلامة الممتلكات، هذا الانتقاص وهذا التدخل الدائم في الشأن البحريني، الذي يعتبر دعماً للمؤامرة الانقلابية، عندما تحاول الأمم المتحدة أن تشل يد الدولة في أقل حقوقها وهو توفير الرعاية والأمن، وكيف بأكبر حقوقها الحفاظ على سيادتها وشرعيتها من العدو المتربص بالداخل قبل الخارج للإطاحة بالحكم.
نعم نحن تواقين أن نسمع هذا الكلام يتردد من كل مسؤول في الدولة؛ سفيراً أو زيراً، خاصة وقد مرت البحرين بتجربة قاسية ومرت على الحكم والشعب، تجربة كان العدو من بين ضلوعنا تآمر علينا مع الأمم المتحدة ومنظماتها، تجربة كانت أحرى بأن يكون هذا الرد على لسان المسؤولين والنواب الذين ذهبوا إلى مجالس حقوق الإنسان في جنيف، ومازال هذا التدخل متواصلاً من الدول الصفوية التي تدعم الانقلابيين، والذي يجب أن تقف هذه الدول عند حدها، ولا ينتهي الأمر عند تسليم مذكرة احتجاج؛ بل يجب اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية، لأنها ليس المرة الأولى التي تتدخل فيها في الشأن السيادي للبحرين، وهذا الحسم لا يكون إلا عبر قطع الصلة والاتصالات وإلغاء الرحلات بين البحرين والعراق، وخاصة أن العراق تقوم بتدريب الميليشيات الشيعية الإرهابية والتي قامت البحرين بتسليم مذكرة احتجاجية للخارجية العراقية على إثر اعترافات الخلية الإرهابية التي تم ضبطها مؤخراً، كما نرجو أيضاً من رئاسة مجلس النواب أن تستنكر تدخل العراق في الشأن السياسي والبحرين، وخاصة أن المجلس للتو قد استقبل وفداً من البرلمان العراقي إثر دعوة وجهها إليه رئيس المجلس، وعليه أقلها أن يرسل إليه رسالة عتاب.
إنها بالطبع مواقف مشرفة عندما تتحدث المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، لأن هذا الموقف يشمل دول مجلس التعاون الخليجي ومنها البحرين، وأنه ليسعدنا دائماً ونتوق إلى تكرار هذه المواقف من جميع دولها، وخاصة مملكة البحرين، لأن هذه الأمم المتحدة ومنظماتها لا يأتي معها حسن ضيافة ولا حفاوة ولا كرامة، ولا ينفع معها «تبهبه» في الردود، بل ينفع معها الرد الفوري الحاسم الذي لا يحسب عاقبة، ولا يهمه عواقب، لأن سيادة الدولة لا تقبل المساومة، وإذا فقدت الدولة سيادتها، فماذا يبقى لها؟ وإذا سمحت بالتدخل في شؤونها، فما بقى من شأنها شيء، ولا يمكنها في الأخير إلا أن تسلم لقرارات الأمم المتحدة التي سيفضي إلى مشاركة الانقلابيين في الحكم، هذه الشراكة التي قد تأتي عن طريق حوار أو تفاهم أو اتفاق قد يوصل الانقلابيين إلى سدة الحكم الأولى.