تعودت أن أدهش من أسلوب الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة سفير المملكة لدى دولة الكويت الشقيقة في الحديث وفي الكتابة، فهو يمتاز بقدرات غير عادية في التعبير عن أفكاره وتوصيل ما يريد توصيله إلى المتلقي، تعينه على ذلك ثقافته الواسعة وكونه قارئاً نهماً وحافظاً للقرآن الكريم ولجل الأحاديث النبوية الشريفة إن لم يكن كلها، وتعينه على ذلك ابتسامته التي تشعر المتلقي بما يحمله من حب له وللآخرين الذين يعرفهم، أو لا يعرفهم، وكذلك هدوؤه وتفضيله الدفاع عن قناعاته بالمنطق الذي يدفع المستمع إليه إلى تأكيد تأثره الكبير بالشيخ الشعراوي رحمه الله.
ليس في هذا مبالغة، فمن يعرف الشيخ خليفة بن حمد يدرك عدم تمكني من إعطائه حقه من الوصف، فهو يستحق كل طيب من الكلام والكثير من الإطراء، ويكفي القارئ إلقاء نظرة على مقاله الأخير الذي نشر على مدى ثلاثة أيام في إحدى الصحف الزميلة واتخذ له عنوان «عذرا رسول الله» وتضمن ملخصاً لمحتوى كتابه الجديد الذي خصه للدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام بعد تجرؤ البعض وتطاوله عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه. ففيه تأكيد لكل هذا الذي تم ذكره هنا عنه وعن قدراته ومواهبه.
كثيرون تأثروا بما كتب، فقد بدا وكأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد سأله عن أحوال الأمة فقال كل ما قال شارحاً لأحوالها ومبيناً أسباب ذلك والمخارج والحلول، ومبيناً حالة التناقض بين مكانة رسول الله في نفوس وعقول وقلوب الأعلام من الكتاب والمفكرين غير المسلمين مثل برناردشو وتولستوي ولامرتين وغيرهم، وبين مكانته عليه الصلاة والسلام في نفوس وعقول وقلوب بعض المسلمين الذين وصل بهم الحال إلى أن يسمعوا ويروا كيف يعتدي بعض الجهال عليه ويصمتون وكأن الأمر لا يعنيهم.
المؤلم أنه ليس من لا يعرف قيمة الرسول العظيم وينتمي إلى ديانات أخرى غير الإسلام يسمح لنفسه بالتطاول عليه فهناك من المسلمين من يفعل ذلك سواءً بعلم أو من غير علم، ويكفي مثالاً على هذا عدم إعطاء البعض هنا أي اعتبار لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن إماطة الأذى عن الطريق بعمل ما يناقضه تماماً، فبدل أن يزيح الحجر الصغير عن الطريق كي لا يؤذي الناس يضع الحجر الكبير فيه ويشعل فيه النيران كي يؤذيهم، مرتكناً إلى فتوى بعض المنظمات الدولية التي تبيح هذا الفعل وتعتبره نضالاً سلمياً وإلى قول هنا أو هناك فهمه بشكل صحيح أو خاطئ فاعتبر السحق حقاً وواجباً وحلالاً.
المؤسف أن الأذى الأكبر للرسول عليه الصلاة والسلام يأتي من المنتمين إلى الإسلام وليس من الكافرين، وإذا كان مبرراً قيام الكافرين بعمل يؤذي الرسول الكريم فأي مبرر لمن ينتمي إلى الإسلام ويشهد الشهادتين يستند عليه هذا الذي يخالف أقوال الرسول ووصاياه فيفعل ما يؤذي الناس ويربك الحياة ويتسبب في قطع الأرزاق؟
ما صرنا فيه اليوم نتيجة تجاوز البعض لكثير من القيم والأخلاق وصولاً إلى عدم إعطاء أحاديث صحيحة مروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام أي اعتبار ومخالفتها يستدعي مطالبة أشخاص مثل الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة ممن يمتلكون نواصي العلم والدين إعداد ما يمكن من «مرافعات» تستند إلى القرآن الكريم والحديث الشريف وتراث الحكماء العرب والمسلمين تبين كيف أن بإمكان أهل البحرين الخروج من كل هذا لو أنهم اعتمدوا وصفة مصدرها القرآن والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
إن بلاداً تضم في جنباتها من هم على هذا المستوى من العلم والدين والعقل ينبغي ألا تتعرض لهذا الذي تعرضت له، ولا يزال يتوفر فيها من المؤشرات ما ينبئ بمزيد من الألم.