وصل إرهاب «داعش» إلى الشقيقة الكويت وضرب مسجداً للإخوة الشيعة مسقطاً قتلى وجرحى وهم يؤدون الصلاة للمولى عز وجل، وفي نفس اليوم ضرب تونس وحصد أرواحاً من السنة، وأيضاً قتل مسيحياً بفرنسا، في خلاصة تؤكد القول بأن هؤلاء أصحاب الفكر والأعمال الإرهابية لا يهمهم إن كانت الضحية مسلمة من هذه الطائفة أو تلك أو من أي ديانة واعتقاد آخر، لا يهمهم سوى القتل ولا شيء آخر.الإرهاب كافر لا دين ولا مذهب له، وما حصل من تغلغل داخل الدول وتنفيذ عمليات إرهابية هدفها القتل والترويع وإقلاق السلم الأهلي، والأخطر شق صفوف المجتمعات، مؤشر ينذر بأن هذا السيناريو يراد له التكرار في أكثر من دولة وبشكل متسلسل ومدروس.ما رأيناه من الشعب الكويتي بمختلف مذاهبه وأطيافه وتلاوينه حالة إيجابية تبين كيف تنصهر الاختلافات داخل قالب وطني واحد، إذا ما حاق بالوطن الخطر، وإذا ما كشر الإرهاب والتطرف والغلو واستغلال الدين عن أنيابه.التداعيات هي المقلقة، فالخوف من نجاحهم في زعزعة استقرار الدول داخلياً حتى بدون أن ينفذوا عمليات فيها، باستغلال وجود تحزبات وتكتلات متزايدة بشتى الأشكال والألوان والانتماءات والقناعات، هذه هي النتيجة الأخطر.نكتب ذلك، ونحن ندعو الله أن يحفظ بلادنا من كيد داعش ومن على شاكلتها، وأن يبعد الله عنها شر هذه الأعمال والفتن، لكن الدعوة هنا بوحدها ليست حلاً، إذ على الأنظمة أن تأخذ على عاتقها المسؤولية في حماية المجتمعات والبشر، وأولى الخطوات في هذا الاتجاه تتمثل بتطبيق القوانين دون تهاون أو تراخ.يجب محاربة أي فكر متطرف أياً كان لونه وشكله، يجب التصدي لأي خطاب ينخر في مقومات وحدة المجتمع ويبيح لجماعات أن تقترف من التجاوزات ما تقترف. ضبط الخطاب مهم هنا، خاصة إن كان خطاباً يكشف عن نوايا أصحابه، وإن كان هادفاً لشحن الصدور، وهنا نتحدث عن أي طرف كان يمارس هذا النوع، فمثلما أكدنا أعلاه، الإرهاب والتطرف والتشدد كافر لا مذهب ولا دين له، لا تقولوا هو فقط سني أو هو فقط شيعي، بالأصح هو فقط يستخدم ممن يستغلون الدين ومذاهبه والاختلافات بينها.وعليه فإن تطبيق القانون بجدية يستدعي التعامل الفوري والعاجل مع أية مظاهر ومؤشرات تنبئ بوجود مستفيدين من وراء ذلك في ضرب وحدة المجتمع، وهذا هو أول الحلول.ثانياً، لابد من تشديد الرقابة والمتابعة على أية ممارسات مريبة، أية تحركات مشبوهة، وأي تعاملات مع جهات خارجية تحت أي مسمى أو وفق أي مسوغ، دون إغفال أهمية مراقبة تدفق الأموال الداخلة للبلد قبل الخارجة منها، خاصة وإن كانت تحت مسميات وبنود في ظاهرها إنساني وطيب، لكن لا يعرف ماذا وراءها. هذه الخطوات لا يجب أن تستجلب ردود فعل متشنجة أو رافضة، لأن المنطق يقول بأن أي جهة واثقة من ممارساتها وعملها ليس عليها القلق أو التوجس، بل يخاف ويقلق من لديه ما يخفيه.حتى ما يثار من أنباء لا نعرف مدى صحتها بشأن كون بلادنا محطة قادمة على أجندة داعش، لا يجب التعامل معها باستهانة، بل تشديد عمليات البحث والمراقبة والتقصي حتى لو جاءت على حساب ما يعتبره البعض خصوصيات وحريات فردية، هي مسألة مطلوبة، إذ لا تعابير مستاءة أو امتعاضات تفيد إن وقع المحظور وباتت حياة البشر مهددة.كافة الأنظمة ومن ضمنهم النظام لدينا لا بد وأن تضع ما حصل في الكويت وتونس -وقبله في السعودية دون نسيان ما يحصل يومياً في العراق وفي الشام- موضع الاعتبار، إذ نحن اليوم نواجه تنظيماً يكشف عن وجهه بصورة جلية وواضحة، والأخطر أنه تنظيم لا يفرق بين أحد إن أراد أن يشغل آلة القتل لديه، هو يقتل الشيعي والسني والمسيحي وغيرهم، هو لا يفرق بين رجل دين أو علماني أو ليبرالي، لا يهمه إن كانت امرأة حاسرة للرأس أو منقبة، هو يقتل كل ما يعتبره مخالفاً له. في حين هناك كيانات على مثل شاكلته تعمل، وإن كان ديدنها الإنكار وعدم الاعتراف، أو تلك التي سبقت داعش في قتل البشر ولم تستخدم أسلوباً دعائياً صريحاً حتى لا تفضح نفسها.محاربة داعش، ومحاربة أصحاب الفكر المتطرف والأجندات الشريرة لا يكون إلا عبر الدول والأنظمة ومن خلال القوانين والإجراءات الأمنية حتى وإن رفعت وتيرتها، ولا يجوز ولا يقبل أن يكون عبر تشكيل فرق ومجموعات تظن بأنها ستتصدى بنفسها لإرهاب منظم وجماعات تعرف ماذا تفعل، وإن حصل ذلك فإن الهدف المنشود قد تحقق بالفعل، وهو خلق حالة فوضى تقسم الأوطان لأجزاء متشرذمة كل منها يتناحر في ما بينه بحجة محاربة الطائفية والغلو، في حين أن ما سيحصل هو تكريس لكل ذلك، تكريس لما ندعي أننا ننبذه قولاً، لكننا نطبقه فعلاً.الأنظمة عليها التحرك لتجفيف منابع الإرهاب، للتعامل مع كل محرض وطائفي وشارخ لوحدة الصف الوطني بالقانون، عليها التشدد في إجراءاتها الأمنية وأن تترك عنها روح التسامح الزائدة عن اللزوم والتي لم تخدم المجتمع بقدر ما أضرته.أخيراً نقول للكويت وأهلها بأن أحسن الله عزاءكم، وأن يتقبل الأرواح -التي أزهقها الإرهاب الداعشي الذي لا يمت لديننا بصلة- أن يتقبلها مع الشهداء والأنبياء في جناته، وأن يحفظ بلادنا من كل شر وكيد.- اتجاه معاكس..إن كانت «داعش» ومن على شاكلتها يدعون بأنهم يحاربون باسم الدين، في حين أن ضحاياهم ليسوا سوى مسلمين يشهدون بألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فما قولهم بشأن حديث رسولنا صلوات الله عليه حين قال: «والله لهدم الكعبة حجراً حجراً، أهون على الله من سفك دم امرئ مسلم»؟!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90