جدل نعيشه في الخليج منذ فترة، نصفه فتنة ونصفه الآخر مؤامرة، وكما لو أننا شعب عبيط، ساذج، مغفل، من السهل الضحك عليه، لأقل هزة قد تشعل بيننا نار الفتنة فلا تطفيها، إنها متلازمة الفتنة الطائفية.
يوم الجمعة الماضي أفاق العالم على وقع ثلاث عمليات إرهابية في ثلاث قارات مختلفة، وفي توقيت واحد تقريباً، تفجير في الكويت والذي شهده مسجد الإمام الصادق بحي الصوابر ووقع 27 قتيلاً و222 جريحاً، وآخر في تونس في فندقين بولاية سوسة وأسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة 39 آخرين، وثالث في فرنسا واستهدف مصنعاً للغاز الصناعي، وفي الحالات الثلاث تبنت «داعش» جميع العمليات، وكان ضحاياه متوزعين ما بين سنة وشيعة ومسيحيين.
إذا كنت تعتقد فعلاً أن «داعش» لوحدها من قامت بهذه التفجيرات والتي ضربت ثلاث عواصم في ثلاث قارات بالعالم، في نفس اليوم والتوقيت تحديداً، فأنت حتماً مضحوك عليك!!
إلا إذا أصبحت «داعش» في ليلة وضحاها قوى عظمى، تملك أسطولاً من الطائرات المقاتلة وجيشاً مجهزاً بأحدث الأسلحة، وجهاز استخبارات على أعلى مستوى يستطيع أن يصل إلى أي بقعة في العالم في ثوانٍ معدودات، فذلك شأن آخر.
قلنا من قبل، ولا مانع أن نكرر ما قلناه سابقاً، هناك وفي علم الجريمة يكون السؤال الأول والمنطقي لتحديد الفاعل هو؛ من المستفيد؟
ومن خلال هذا السؤال المنطقي والمُحكم، تستطيع أن تقيس عليه كل المشاكل والكوارث التي تصيبنا، وتصيب دول تحالف الحزم في الخليج تحديداً، والتي تشن حرباً ضد أذناب إيران في اليمن، بالأمس أصيبت السعودية بنيران الإرهاب وتلاها الكويت، واليوم غدت البحرين تحت نار التهديد. أصبحنا نحتاج للتذكير بوقائع دالة حتى نقطع الشك باليقين، وهو أمر حتمي ومنطقي؛ فالعاقل لا يعترف إلا بالدليل!!
في أحدث تقرير نشرتة «العربية» مؤخراً كشفت أن إيران أول من قامت بتفجير الأماكن المقدسة، وليس «داعش» و«القاعدة» التي تقوم بالتفجيرات لأغراض سياسية وطائفية، حيث إن ملالي «قم» لهم دور في الوقوف وراء بعض التفجيرات التي استهدفت أماكن مقدسة، وبالذات الشيعة، وذلك لأهداف سياسية خاصة وقالت في تقريرها: «لا ننسى أن أول عمل إرهابي ضد الأماكن المقدسة بغية أهداف سياسية، استهدف ضريح الإمام علي بن موسى الرضا في مدينة مشهد يوم 20 يناير عام 1994 حيث قتل 26 زائراً وجرح المئات، وقامت به المخابرات الإيرانية والتي يشرف عليها آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الإيراني، وحدث ذلك قبل أن تشتهر القاعدة بأنشطتها الإرهابية وقبل ظهور داعش بسنوات طويلة، حيث إن وزارة المخابرات التي كان يترأسها سعيد إمامي، المقرب من المرشد آنذاك، هي التي قامت بالتفجير، وبعدها جاءت بسجين يدعى مهدي نحوي، وهو من أعضاء منظمة مجاهدي خلق وكان محكوماً عليه بالإعدام، فانتزعت منه اعترافاً كاذباً أمام شاشة التلفزيون بأنه هو من قام بالتفجير».
وتواصل «العربية» سرد الواقعة بتفاصيلها وتقول: «وحتى تكتمل القصة والسيناريو، قام أحد عناصر المخابرات بالتقرب من مهدي نحوي، وأقنعه بالفرار عند نقله للمستشفى، ولكن في نفس الوقت نصب له كميناً ليقتله في أحد الميادين المزدحمة في طهران، وبعد خمس سنوات، انكشفت الفضيحة عندما تم القبض على سعيد إمامي، على خلفية سلسلة الاغتيالات التي طالت السياسيين والمفكرين والصحافيين والشعراء أيام خاتمي، واعترف بالتفجيرات في مرقد الرضا، ونشرت حينها هذه الاعترافات عدة صحف إيرانية، مشيرةً أيضاً إلى تفجير مساجد أهل السنة في بلوشستان وضريح الرضا على يد المخابرات».
وفي واقعة أخرى، بتاريخ 22 فبراير 2006 تم تفجير ضريحي الإمامين العاشر والحادي عشر السيد علي الهادي والسيد حسن العسكري، وتبين لاحقاً وعبر تصريحات مسؤولين أمريكيين وأجهزة المخابرات أن إيران هي من كانت تقف وراء تفجير أضرحة الإمامين في العراق، حسب ما نقلته صحيفة «القدس العربي» في 21 فبراير 2006، وكانت الدوافع وراء التفجير في العراق واضحة وهي اتهام السنة بأنهم وراء هذه العملية، لإشعال نار الفتنة الطائفية، وهذا المبتغاه والهدف الذي تسعي إيران لتحقيقه في السعودية والكويت والبحرين.
كلمة لا بد منها وقبل أن أترجل مقالي وأهديها لاخي الشيعي؛ لم ولن أكون من الذين يصفقون لاستهدافك وقتلك، وسأرفض وأحميك حتى لو سال دمي دفاعاً عنك، مع أنك أحياناً كثيرة تصمت عن الإرهاب الذي يستهدفني في بلادي البحرين، وتصفق لمن يقتل أهلي في سوريا والعراق والأحواز المحتلة انتصاراً لمذهبك، ليس لأني أفضل منك، بل لأننى أؤمن أن التمسك بالمبادئ والبعد عن الازدواجية والانتصار للوطن حتى ولو على حساب المذهب، هو الخيار الواقعي وطوق النجاة الوحيد الذي يمكن أن ينقذنا جميعاً من الفتنة الطائفية!!