وصلتنا بعض الإشارات غير المؤكدة حول توجه الحكومة قريباً باستخدام مبدأ «التقشف» في كافة مرافق الدولة دون معرفة طبيعتها وبقية تفاصيلها، وعليه يجب على الجميع أن يستعد لدخول مرحلة جديدة من مراحل «شد الحزام»، وذلك لطبيعة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البحرين وبقية دول المنطقة.
نحن بدورنا نستوعب الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها دول الإقليم، وما للأزمة المالية العالمية من تأثير مباشر على وضعية الاستقرار الاقتصادي في البحرين وغيرها، كما نقدر ارتباط الأزمات المحلية والدولية بحركة السوق والمال والاقتصاد بشكل مباشر، مما يؤثر على موازنة الدولة، إضافة لأمور كثيرة أخرى مؤثرة ربما يستوعبها أهل الاختصاص أكثر من أية جهة أخرى.
كل هذا الضغط الشديد على اقتصاد الدولة، والذي نقدره ونستوعب أحكامه وظروفه، يجب ألا يقابله أي نوع من الضغط المضاد على مستوى دخل الفرد البحريني أو على مستوى معيشته، فالمساس بمعيشة المواطنين والتأثير على أوضاعهم المعيشية والحياتية أمر غير مقبول، ولهذا يجب أن تكون هذه المنطقة في حركة معالجة أخطار الاقتصاد، آخر المناطق التي يمكن للدولة المتضررة أن تمسها أو تنال منها، وذلك لما لهذا الأمر من عواقب وخيمة وخطيرة على الوضع المعيشي للناس، وعلى بقية الأوضاع الأخرى.
الناس اليوم بدت أكثر قلقاً وتوجساً من الأخبار التي تم تسريبها أو التلميح إليها حول إمكانية المساس بمستوى معيشتهم، ففي الوقت الذي كان البحريني يترقب شيئاً من الزيادة في الراتب وتحسين وضعه المعيشي، يستيقظ ليستمع أخباراً لا تسره، وتضغط عليه بالطول والعرض.
إذا كان هنالك مبالغ مهدرة كفساد بنحو 400 مليون دينار في العام الواحد في البحرين، حسب تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وحسب ما أشر إليه أحد الإخوة النواب، فهذا يعني وعلى مدى العشرة أعوام الماضية كان بالإمكان توفير أكثر من أربعة مليارات من الدنانير، وهذا المبلغ كان بإمكانه لو تم تحصيله من الجهات الفاسدة، أن يوفر على الدولة الكثير من الضغط، ويكمل لها بقية كل المشاريع والخدمات العالقة!
يجب على الدولة أن تسترجع كل المليارات التي تمت سرقتها من خزانة الدولة من طرف بعض الفاسدين طيلة الأعوام الماضية، حيث لا يجب أن ينعم أفراد قلائل من عديمي الذمة والضمير على حساب بقية الشعب، فجزء كبير مما نعانيه اليوم في البحرين من ضغط في الخدمات وتأخير في المشاريع وضعف في الميزانية العامة للدولة وعلى مستوى المعيشة للفرد، هي بسبب المبالغ العملاقة التي تمت سرقتها من ميزانية الدولة من طرف بعض المفسدين، والتي أكدتها تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية طيلة عقد من الزمن، إضافة لبعض الأمور الأخرى.
بعض القضايا المتعلقة بالفساد، قد أحيلت للنيابة العامة وبعضها ربما أحيل إلى القضاء، وعليه نتمنى أن تحال كل قضايا الفساد العام إلى الجهات المعنية من أجل استرداد المال المسروق، ليس لهذا العام فقط، وإنما لبقية الأعوام المنصرمة التي كان يسرق فيها الفاسدون خزانة الشعب. فبيننا وبينهم القانون.