من المحزن أن نشاهد هذا الإجرام الطائفي يتأصل في نفوس بعض الناس، وتسفك الدماء بضمير ميت بلا رحمة أو شفقة، وتترجم هذه المشاهد البشعة من القتل المباح كأنها لعبة من ألعاب الأطفال «البلي ستيشن» يسعد الطفل بالقتل في مشاهد افتراضية، وشتان بين الواقع والافتراض وما يخلف الواقع الدامي من حروب وفتن ترخص فيها الدماء العربية المسلمة، وتتلاشى روابط الدين الواحد، ولا يجمعهم كلام الله ونهج نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقد ماتت ضمائر البعض بوعود خيالية، وبتجارة خاسرة، فالجنة يدخلها بنو البشر برحمة من الله، فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، فأي رحمة ترجى لجماعة استباحت القتل والفتنة وراء ستار الحور العين، عجبي لهذا الهدف الجنسي البحت حتى في الآخرة، «فيا ناس» تزوجوا مثنى وثلاث ورباع واستمتعوا بهذه الزيجات في الدنيا كما أمركم الله، ولا تستبيحوا الدماء والأرواح مقابل الحور العين في الآخرة، أما الجنة فادخلوها بعمل صالح وليس بعملية إرهابية دامية.
المساجد هي البقعة الوحيدة التي يأمن الإنسان ويجد ضالته فيها، فهي بيت من بيوت الله، وبيوت الله تحرم أن تنتهك فيها الكبائر والصغائر، فهي بيوت آمنه يجتمع المسلمون فيها لعبادة الله وليس لعبادة أيدولوجيات أو معتقدات تكون مخرجاتها إجراماً طائفياً، فما حدث في مساجد إخواننا الشيعة في مسجد الإمام الصادق في الكويت ومساجد الدمام بالمملكة العربية السعودية، وما تنتهك من حرمات القتل في مساجد السنة في العراق وقتل السنة في إيران هو هدم لبناء المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، ونقض لغزله الذي عكف منذ فجر الإسلام يبين بأن الدين الإسلامي ليس عبادة الله كما تراها كل جماعة أو طائفة، يحرمون ويحللون وفقاً لمصالحهم وأهوائهم، فالإسلام دين وسطي، والدين معاملة، فجميع البشر لهم حقوق في أن يعيشوا عيشة آمنة، لسنا بصدد إنسان مسلم أو غير مسلم، شيعي أو سني وإنما نتألم للكائن البشري أياً كانت ديانته أو مذهبه أو طائفته أو عقيدته، فهو إنسان له حق بأن يحيا حياة طيبة وآمنة.
ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية في تفجير 11 من سبتمبر آلمنا كثيراً، فمن مات في ذاك التفجير البشع لا ذنب له، غير أنه كان يريد أن يزاول حياته اليومية وفقاً لقناعاته، وقناعات الإرهاب هي أن ترسل رسائل دموية لسياسة الحكومة الأمريكية وتستنكر لأمريكا بأن تكون المحرك الأقوى والدينامو الحي للعالم، فالشعوب المسلمة والمسالمة ترفض هذا النوع من الرسائل، ترفض بأن يكون المسالمون هم من يدفع ثمن أجندات وأيديولوجيات الإرهاب، ترفض أيضاً الانتهاكات الصريحة في حق السنة في العراق وإيران، ونتعجب من المنظمات الدولية ودول العالم التي ترتضي لسنة العراق وإيران وسوريا هذه المجازر وأن تنتهك حقوقهم بلا حراك، لم نسمع منهم أي استنكار على ضحايا النظام السوري أو على ضحايا الاستعمار الأمريكي والإيراني على العراق، فهل أصبحت هذه الدول العربية حالها كحال فلسطين المحتلة تنتهك على أرضها كل أنواع الحرمات، وما زالت مفاتيحها معلقة لا ترد إلى أصحابها؟
فمثلما تتمركز كل القوى لكسر شوكة تنظيم القاعدة وداعش وإرهابهم الذي انتشر كالمرض الخبيث بين شعوب العالم، ووصلوا لتونس وفرنسا في إرهابهم الأخير، على جميع الدول أيضاً أن تبذل جهودها لاجتثاث إرهاب مليشيات حزب الله والإرهاب الإيراني والعراقي على دولنا، فالإرهاب واحد، لا دين له ولا مذهب ولا ملة، والإجرام الطائفي لا يكال بمكيالين كما يفعله البعض.