نسأل النواب الذين تصدوا لميزانية وزارة الداخلية ويطالبون بتقليصها ونقول لهم؛ هل تريدون إرجاع البحرين إلى عصر الحراسة على البغال والخيول ورصد السواحل بالمناظير والدرابيل؟ أو أن تتم مطاردة المهربين والمتسللين بـ»الجوالبيت» والبوانيش، أم تريدونها أن تصبح أسلحتها لا تتعدى «مدافع الأفطار» في رمضان؟!
نعم هكذا سيصبح مستوى وزارة الداخلية بعد تقليص ميزانيتها، وبذلك يتحقق حلم نواب الوفاق الذين عجزوا عن تحقيقه عندما كانوا في المجلس، فإذا بنواب المجلس الحالي يحققونه بتصديهم لهذه المؤسسة وبعد صمودها لأكثر من أربع سنوات في وجه العمليات الإرهابية التي ينفذها الانقلابيون، حيث يعلم الله وحده بحجم سلاحهم ومتفجراتهم، ويعلم الله لأي مدى وصلت شبكاتهم.
النواب اليوم يردون الجميل على وزارة الداخلية كجزاء سنمار، إنها بالفعل حالة غريبة ومريبة عندما يقرر النواب تقليص ميزانية الأمن في هذه الظروف الإقليمية الخطيرة، وفي ظل إرهاب مسلح يهدد أرواح المواطنين والممتلكات، وإرهاب يسعى للإطاحة بالحكم واستبداله بحكم إيراني، وهذا ما يدعونا للتساؤل؛ هل من تصدى للميزانية يعيش على كوكب آخر أم هو خارج عن نطاق تغطية الاتصالات؟ وربما هذا النائب لا يقرأ ولا يدري ما يحول ويحوم حوله، إذاً فهو نائب بالبركة وليست لديه أية خلفية سياسية، وحتى لا يقلب في يومه صفحة من الصحف، وقد لا يدري أن هناك حرباً على الإرهاب أو أن هؤلاء النواب لديهم نوايا سيئة، بل خبيثة، تجاه البحرين، فعلى النواب الذين تصدوا لميزانية الداخلية اختيار أي موقع مفصول عن الخدمة أو موقع مشبوه.
وها هي أستراليا، القارة الآمنة، التي لا تهددها مجموعات إرهابية تسعى للإطاحة بحكومتها، ولا يهددها مجتمع دولي ولا تبتزها منظمات أجنبية ولا يستدعيها مجلس جنيف، وليس هناك دول تطمع في احتلالها وضمها، إلا أن رئيس وزرائها «توني ابوت» أعلن أن بلاده قد خصصت مبلغ 450 مليون دولار أسترالي إضافي تحسباً للإرهاب على أراضيها، وتعزيز إمكانات أجهزة الاستخبارات ولردع الأستراليين عن ارتكاب أعمال إرهابية في الخارج، كما قال «إن علينا ضمان توافر الموارد الكافية لدى أجهزتنا الأمنية، وكذلك وسائل مواجهة التهديدات المتطورة المواكبة للتقدم التكنولوجي»، بينما في البحرين الذي يهددها الإرهاب براً وبحراً وجواً وبين أحيائها ومناطقها تقلص الميزانية، وكأن البحرين أصبحت «هاواي».
إن تقليص ميزانية الداخلية هو مشروع يخدم المشروع الإيراني الذي يسعى إلى زعزعة أمن البحرين من خلال خلاياها الإرهابية، والتي مازالت تصر هذه الخلايا والمجموعات على الإطاحة بالحكم الخليفي، إيران اليوم التي تجند أتباعها وتدربهم على أحدث العلوم العسكرية، وذلك من خلال دورات تدريبية تنظمها لهم في إيران وفي العراق ولبنان، تدرب رجالاً ونساء بحرينيين على حمل السلاح، وبالمقابل هناك وزارة أمنية في الدولة لا تقدر أن تكمل مهمتها الأمنية حين «قلقص» جناحها، مؤسسة أمنية تحرق مركباتها، فكيف تأتي بالبديل؟ فهل تلجأ بالمثل للبحث في «السكراب» لتصلح سيارتها المعطوبة أم تستخدم «وانيتات» للحراسة على الشوارع الرئيسة أو التغلغل في معاقل الإرهابيين؟ فبالله عليكم أعطونا حلولاً بديلة كي تستطيع هذه المؤسسة أن تقوم بواجبها الأمني، حيث ستكونون أول من يلومها في حال حدوث عملية تفجيرية قد تطال مؤسسات حيوية، أو قد تقتلع قبة مجلس النواب.
إن حاجة هذه المؤسسة الأمنية للميزانية أولى من ميزانية النواب والشورى المخصصة لسفراتهم الاستطلاعية ودوراتهم التعليمية والترفيهية، وهي أولى من إنشاء معهد تدريب للبرلمانيين، وهي أولى من علاوة التمثيل لأعضاء مجلس الشورى والنواب، وإذا كان هناك تقليص في ميزانية فعلى مجلس النواب أن يضحي ببعض من امتيازاته وأن يقلص مصروفاته الإدارية، وكذلك يفعل مجلس الشورى، أما التصدي لميزانية وزارة الداخلية فهذا ليس من حق النواب، لأنه حق الشعب الذي يحمل وزارة الداخلية مسؤولية الحفاظ على أمنه في ظل التهديدات الإرهابية التي لم تتوقف منذ 14 فبراير 2011، هذا الإرهاب الذي يحرق الشوارع ويحرق رجال الأمن ويحرق المواطنين، وإن أي عملية إرهابية تطال أي شخص فهي مسؤولية تقع على مجلس النواب والشورى اللذين كان عليهما المطالبة بميزانية أكبر لا تقليص الميزانية، وذلك كما يفعل نواب المجالس في الدول الأخرى الذين يطالبون برفع الميزانية الأمنية للحفاظ على أمن واستقرار أوطانهم.