بعد التفجيرات التي طالت السعودية والكويت في الجمعات الفائتة وأسفرت عن استشهاد العشرات ومئات الجرحى، وكادت تحقق أهداف من يقف وراءها إحداث فتنة طائفية تأكل الأخضر واليابس، وبعد التهديدات بتكرارها في البحرين والتي تم تداولها أخيراً بكثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، يترقب الجميع اليوم حدوث ما قد يتسبب في سقوط ضحايا جدد كل ذنبهم أنهم سعوا كإخوانهم في السعودية والكويت إلى ذكر الله وذروا البيع بعد أن نودي للصلاة.
زاد من حالة الترقب الاجتماعات التي عقدتها الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة وما نتج عنها من تصريحات، والإرشادات والتعليمات التي صدرت في الأيام القليلة الماضية للجمهور بغية التعاون مع المعنيين بتوفير الأمن عند المساجد، والاستعدادات غير العادية بغية منع حدوث شيء من هذا القبيل، والجو العام الذي نتج عن كل ذلك والذي جعل كل واحد يشعر بموسيقى الترقب في داخله كلما اقترب الموعد المتوقع، كما في أفلام الرعب.
هذا لا يعني أن ما تم اتخاذه من إجراءات بغية منع حدوث شيء مماثل لذلك الذي حدث في الدولتين الشقيقتين كان مبالغاً فيه، فالاحتياط واجب وما قامت به وزارتا الداخلية والعدل ومختلف الجهات ذات العلاقة طيب ومهم ومن شأنه أن يوفر الإحساس بالأمان وإلا لتردد الكثيرون عن الذهاب إلى الصلاة هذا اليوم. لكن انتهاء صلاة الجمعة اليوم من دون حدوث أي ضرر لا يعني انتهاء محاولات الإرهابيين ولا يعني أنهم يترصدون للأبرياء في صلاة الجمعة فقط أو في بيوت الله فقط، أي أن على الجميع أن يأخذ حذره في كل وقت وكل حين، وأن يبادر كل مواطن وكل مقيم بالاتصال بالجهات المعنية بوزارة الداخلية فور ملاحظة ما يرتاب منه.
إشكالية كل هذا الحذر هو أنه سيؤدي بالجميع إلى العيش في قلق وتوقع الشر والأذى في كل ساعة وهذا يسلب منهم الكثير من متع الحياة، لكن بما أن هذا الوضع غير دائم، أو هكذا يفترض، فلا بأس من تكييف أنفسنا معه في هذه المرحلة فما نقوم به ليس لحماية أنفسنا فقط ولكن لحماية وطننا ومنع السوء عنه، فالمتطرفون والإرهابيون لا يستهدفون طائفة دون أخرى ولا فئة دون فئة ولكن يستهدفون الوطن وكل جميل فيه.
مهم أيضاً في هذه المرحلة ألا نقع فريسة الإشاعات، فالإشاعة كما الأفعى، وعلينا أن ندقق في الأخبار التي تصلنا خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأن نعلم أن من يريد ببلادنا السوء لن يتردد عن نشر وإشاعة كل ما قد يدفع في اتجاه الفتنة وتخريب حياة الناس، وليس أسهل من اللعب في الصور وفي الكلام باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
كل الجهات الرسمية ذات العلاقة ستقوم بواجبها على أتم وجه في هذه المرحلة ومن الطبيعي أن يتم رصد كل ما ينشر وما يقال والتحركات وكل ما يبعث على الريبة، لكن بالتأكيد لا يمكن لهذه الجهات أن تقوم بكل شيء وتمنع حدوث كل شيء، أي أن هناك دوراً مهماً ينبغي من الجمهور القيام به، من دونه لا يمكن أن يتحقق الأمن والأمان.
تعاون كل الأطراف في هذه المرحلة مهم جداً، ومهم أيضاً أن نثق في بعضنا البعض وألا نعين الإرهاب والإرهابيين على تحقيق أهدافهم بعنادنا أو بالقول إن توفير الأمن مسؤولية وزارة الداخلية وحدها.
المنطقة كلها تمر بمرحلة غير عادية، هذه المرحلة تتطلب أموراً مختلفة عن تلك التي يتطلبها الوضع العادي، لذا فإن على الجميع من دون استثناء أن يعلموا أنه لا مفر من التعاون والتكامل مع الجهات الرسمية وخصوصاً وزارة الداخلية التي يقع عليها العبء الأكبر.