كل شبر من الوطن العربي بات مستهدفاً إلا إسرائيل، وكل بقعة عربية أضحت تحت نيران الإرهاب إلا تل أبيب، حتى أصبح الكيان الصهيوني الغاصب لأراضينا المحتلة، هو آمن نقطة على وجه الأرض، حتى من بقية الدول الغربية قاطبة.
هذه المفارقات الغريبة تجعلنا نطرح ألف علامة استفهام حول علاقة الإرهاب والإرهابيين بإسرائيل، فكل المؤشرات تؤكد أن هنالك جيوباً سرية بين هذه الجماعات وبين الصهاينة الغاصبين، فالمشتركات بينهما أكبر من أن تحصى، وطريقة استخدامهم من طرف إسرائيل باتت واضحة للعيان، إضافة إلى وجود الكثير من الخيوط والأدلة والبصمات التي تؤكد مدى تعاون الإرهاب مع رأس الإرهاب العالمي.
حين تصبح بيوت الله - والتي هي من أكثر الأماكن أمناً في العالم عبر التاريخ - أخطر مكان يحتمي فيه الإنسان اليوم، فتيقن أن هنالك يداً صهيونية تقف خلف هذه الجرائم، فتدنيس المساجد وتفجيرها بطريقة وحشية، ومن ثم قتل من بداخلها من مصلين، يعطينا إشارات واضحة بأن إسرائيل متورطة في كل تلك التفجيرات، وما الجماعات الإرهابية إلا أداة طيعة في يدها، تحركها متى ما أرادت، وفي المكان والزمان المناسبين.
كل العمليات الإرهابية الدموية التي طالت وتطال العالم العربي ما هي إلا عمليات وحشية ذات طابع همجي صهيوني، إضافة إلى أن كل الأماكن التي استهدفها الإرهاب اليوم لا علاقة لها بإسرائيل، حيث باتت تل أبيب من أكثر المناطق استقراراً في كل الدنيا، حتى أكثر استقراراً وأمناً من بيوت الله.
بكل تأكيد، ليس الصهاينة وحدهم من يقف خلف هذا الإرهاب، بل هنالك دول غربية لها مصالح مباشرة من تمدده، إما من أجل إضعاف الوطن العربي بكل إمكانيته، سواء على صعيد تشتيت الجيوش العربية وإما عبر استهداف المواقع الحيوية والإستراتيجية للسيطرة على منابع النفط والغاز فيه، لتظل الدول العربية مشغولة طوال الوقت بترميم ديارها أو بمعالجة الأضرار الناجمة عن الإرهاب والإرهابيين.
إن ما ساهم وبشكل مباشر في تقوية شوكة الإرهاب بعيداً عن إسرائيل هي العقيدة الفاسدة التي يحملها دعاة الإرهاب، إما عبر تشويه الدين بخلخلة مفاهيمه الثابتة أو عبر تشويه قيمه بصورة بارعة وموغلة في العنف، كل ذلك من أجل إعطاء العالم أكبر فكرة على أن الدين الإسلامي هو الذي يقف خلف كل هذا الكم من الإرهاب والجرائم، وما وجود أعداد هائلة من المسلمين في صفوف الجماعات الإرهابية إلا دليل صارخ على أن تلكم الأعمال الإرهابية تصدر من الدين نفسه!
استطاعت إسرائيل اليوم أن تضرب أكثر من عصفورين بحجر واحد؛ حيث استطاعت تمزيق الوطن العربي وتشتيت أهله إلى جماعات وطوائف متناحرة تسودهم روح الكراهية، كذلك استطاعت عبر الجماعات المسلحة من تخريب وسرقة ثروات وتاريخ الوطن العربي بشكل خاطف ومريع، إضافة لتشويه الدين الحنيف بصورة أخلت يد الصهيوينة العالمية وبرأتها من قبيح أعمالها.
يجب أن نعترف نحن العرب أن إسرائيل استطاعت هزيمتنا هذه المرة بدهائها وبأيدي أبنائنا، وذلك لم يكن يحدث لولا وجود فراغات سياسية وثقافية ومعرفية واجتماعية تعشعش في أوطاننا وأذهاننا، فلو كنا أقوياء لما لعبت بنا الدجاج.