بعدما نشرت دعوة المؤسسة البحرينيــة للمصالحة والحــوار المدني للمشاركة في مبادرة وصلاة «بحرين التسامح» كصلاة موحدة تجمع بين الطائفتين الكريمتين «تزامناً مع الأحداث المؤسفة التي تشهدها دول الجوار والتي تستهدف دور العبادة وتسعى لنشر الأفكار المتطرفة» نشرت في صفحتي على الفيسبوك التغريدة التالية «مبادرة الصلاة المشتركة غداً الجمعة في جامع عالي وتكرارها الجمعة التالية في جامع لأهل السنة تستحق الثناء والتشجيع والدعم» فوصلني على الفور التعليق التالي «كيف ستكون الصلاة جماعة بين سنة وشيعة؟ هم لا يصلون خلف أي شيخ دين وطقوسهم تختلف ويسجدون على تربة..؟» وهي أسئلة تخطر على الفور في الأذهان حيث الجمع بين الأضداد مسألة صعبة.
لكن هذه الدعوة للصلاة المشتركة ليست جديدة وإن حظيت بإعلام جيد وقد دعا إليها من قبل آخرون وتم تنفيذها في أماكن مختلفة، منها على سبيل المثال صلاة أقيمت قبل نحو عشر سنوات في جامعة البحرين، وتلك التي صلى فيها نواب الوفاق ومنهم الشيخ علي سلمان خلف الشيخ السعيدي. وفي الكويت صلى الشيعة والسنة وراء إمام واحد بجامع الباقر في نفس اليوم الذي حدث فيه التفجير الإرهابي، ويوم أمس الأول أيضاً في مسجد الدولة الكبير بغية توصيل رسالة مفادها أنه لا يمكن التفريق بين الشعب الكويتي. وفي العراق صلى قبل سنتين الشيعة والسنة وراء إمام واحد في أحد مساجد بغداد بغية تخفيف الاحتقان الطائفي شارك فيها أيضاً العشرات من رجال الدين من الطائفتين.
أما في سلطنة عمان فتعود العمانيون الصلاة وراء أي إمام وفي أي مسجد، حتى إن الإعلامي أحمد الشقيري تناول في حلقته الخاصة عن السلطنة والتي بثت أخيراً هذا الموضوع وصور الشيعة والسنة والإباضيين وهم يقفون أمام رب العالمين في صور متعددة يصلون وراء إمام واحد بعضهم كان متكتفاً وبعضهم مسبلاً.
دعوة المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني التي استجاب لها المصلون من الطائفتين الكريمتين وتم تنفيذ الجزء الأول منها بنجاح كبير الجمعة الماضية في جامع الصادق بقرية عالي ليست بدعة وهدفها جميل، حيث صلى الجميع مسبلين ومتكتفين وراء الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد خلف العصفور المعروف بوسطيته وعقلانيته، والمتوقع أن تلقى الصلاة المشتركة والمزمع إقامتها الجمعة المقبلة في أحد مساجد السنة النجاح نفسه حيث سيصلي الشيعة إلى جانب السنة وراء إمام سني.
الاختلافات بين الشيعة والسنة في الصلاة عديدة لكنهم يشتركون في أمر واحد هو الأساس؛ وهو أنهم جميعاً يقفون في صف واحد أمام رب واحد هو الله سبحانه وتعالى الذي يقبل من عباده.
ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أننا نمر بمرحلة استثنائية تتطلب منا التكاتف والظهور بمظهر واحد، والدعوة إلى الصلاة المشتركة عبارة عن دعوة إلى سد باب يمكن أن ينفذ منه مريدو السوء ورسالة عملية ملخصها أننا شعب واحد وأن من يستهدف طائفة منا فإنما يستهدف الشعب كله ومن يريد أن يقتل بعضنا فليقتلنا جميعاً. في هذا الصدد من المناسب الاستشهاد بما صرح به وزير الخارجية أخيراً لإحدى الصحف الكويتية حيث قال «إن توحيد المساجد بين السنة والشيعة يخلق نسيجاً اجتماعياً ودينياً موحداً بعيداً عن أي تعصب وعصبية» وشرح «إن دول الخليج مستهدفة من جهات عديدة ويجب أن نعي خطورة كل ما يدور حولنا وأن يكون لنا موقف ثابت»، وشدد على أن «الخلاف الفكري يجب ألا يقود إلى انشقاق وطني ومجتمعي ويجب أن نتخذ الخطوات التي من شأنها خلق أجواء إيجابية من التقارب وتوحيد الصفوف».
بالتأكيد لا يكفي أن تقام صلاتان مشتركتان فقط، ولعل الوقت قد حان لبحث فكرة تخصيص مساجد يتاح فيها للجميع إقامة الصلوات المشتركة طوال الأسبوع.