المنافقون لا تنضب مخيلتهم أبداً ولا يكفون عن إنتاج كل جديد في دنيا النفاق!
للقارئ الكريم أن يتخيل أن هذا السطر لا علاقة له بالمقال، فأرجوا أن تعتبره سقط سهواً، ولا تشغل نفسك به ودع المنافقين يسترزقون..
أعرف وكتبت هنا عشرات المرات، أن داء الفتنة الطائفية ليست متأصلة في وجدان البحريني، يتلون ويتحكم في حياته، ويستولد مظاهر وسلوكيات قبيحة، ولا كما يظن أغلب الناس أن الشعب البحريني عرضة للفتنة في أي لحظة، لا يا سادة.. نحن أمام تاريخ من التعايش والتآخي بين المكونين، وجميعنا يعلم أن هذه الدولة لم تبن وتنهض إلا على أكتاف المكونين أنفسهم، ولم ولن تحدث فتنة طائفية، لأن مخزون التاريخ مازالت بقاياه حاضرة في ذاكرة أجيال من أبناء هذا الشعب، وما نحتاجه هو «سنفرة» أو محاولة إنعاش هذه الذاكرة عبر استحضار تاريخ التعايش بين المكونين، بالضبط كما فعلت الكويت.
إن مكابدة زرع فكرة أن هذا الوطن يعيش على شفا اقتتال طائفي وأن الطريق سالك للصعود إلى أعلى مرتبات الفتنة، هي محاولة من قبل بعض الطائفيين للعب دور الضحية ولبس عباءة المظلومية من خلال التحريض على المكون الآخر، تحت فكرة «إننا طائفة مستهدفة من قبل التكفيريين والدواعش المنتمين لأهل السنة» عبر إيهام الخارج بأن «طوب الأرض» في البحرين يمارس ضدهم الظلم والتميز والاضطهاد، لكسب تعاطفهم، وتحقيق مكاسب سياسية مذهبية تصب في صالح الأجندة الخارجية!!
ليس هذا موضوعنا، إنما ما أود التفكير فيه بصوت عال هو فكرة أن يكتب شخص عن خطاب الكراهية فيما هو أحد الأسباب الرئيسة فيه، أو أن يتحدث أمام مسجد الدراز عن التحريض فيما كان هذا المنبر الذي يقف عليه، هو أحد الأسباب الرئيسة للتحريض على العنف، وجميعنا بالتأكيد نذكر خطاب «اسحقووووهم»!!
إذا كان الجميع اليوم يعمل على التقريب بين المكونين، فيجب أن نحدد الأرضية التي نقف عليها جميعاً، فنجاح المهمة تتوقف على النافذة التي يطل منها صاحب الفكرة والزاوية التي يتخذها للرؤية..
الأمر يا سادة يتوقف على درجة المصداقية لتفعيل درجات الإقناع، وبادئ ذي بدئ، من المفترض ألا يرمي أحد بأخطائه على الآخرين وأن يكون أكثر إنسانية ورحابة وأبعد عن التوحش والنفاق والطائفية، ومن المهم قبل أي شيء أن يمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ، وعدم السعي لإيجاد مبررات وإلقاء اللائمة على طرف ومحاولة تبرئة الطرف الآخر والظهور بمظهر الضحية.
إذا، العملية برمتها يتوقف نجاحها على درجة صلاحك ودرجة نقائك، فالمصالحة الوطنية لا تحتاج إلى صلاة موحدة بل إلى قلوب موحدة، حيادية ونقية، تتجرد من النفاق والتعطش للمصالح الشخصية، ومثل هذه الطهارة من الأنقياء ما نفتقده ونحتاجه، والمطلوب في سبيل تحقيق هدف المصالحة الوطنية أن نبحث عنهم حتى ولو في كوكب آخر..!!