لو تم وضع تقييم شامل لما حققته إيران من مكاسب علـى الأرض خلال الفترة المنصرمة ومن منظور الربح والخسارة لتبين، وبلا أدنى شـك، أنها الدولة الإقليمية الوحيدة التي حققت تقدماً على كثير من الأصعدة دون أن تعطي أو تخسر أي شيء.
فبمكرها ودهائها وتحالفاتها المشبوهة ومراوغاتها تمددت على الأرض واستطاعت أن تنطلق بثورتها الحبيسة منذ عقود في قم.
وكل ذلك حدث إثر التفاهمات والاتفاقيات التي تم إبرامها من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها، ومضمونها هو تقسيم سلطة النفوذ وتحت شعار لم يعد يخفى على أحد (نؤمن لكم ما تحت الأرض واتركوا لنا ما فوق الأرض).
ومضى الاتفاق وتحققت النتائج، وحصدت إيران مازرعت وزادت من الغلة وانفتحت المغاليق المؤصدة، ومنذ سقوط وانضواء إمبراطورية فارس تجدد الحلم الفارسي بعد الثورة الخمينية التي أطاحت بالشاه، لكن الإرادة والتدبير الإلهي يسيران بالضد من ذلك؛ فهو مطلع على السرائر وما تخفي الصدور، وبعلمه المسبق يعلم أن إيران غير مؤهلة تماماً لقيادة الأمة وهي بهذه العقلية والنهج الشرير، فأبدل منحتهم الأمريكية بمحنة ربانية فوقعوا بشر أعمالهم وضلوا الطريق وزاغوا عن العدل وركنوا إلى الظلم والقهر والثأر، فعاثوا في الأرض الفساد وأطلقوا ميلشياتهم المسعورة وعطلو الحياة وأزهقوا العباد.
ولو سلكوا أبواب الرحمة والحكمة وأقاموا العدل بين الناس وراعوا مصالحهم واحتووا الجميع وتغلبوا على عقدهم وأحقادهم وعمروا الأرض وحفظوا النفس والعرض، لتعلقت بهم الشعوب ولمنحتهم الثقة؛ بل أريد أن أذهب لأبعد من ذلك فأقول، وربما تعاطفت الكثير من شعوب المنطقة معهم ولتمرد بعضهم حتى على أنظمتهم وحكوماتهم بما تحقق على الأرض من الأمن والعمار والرفاهية والاستقرار، ولتأثر الشباب وهي القاعدة العريضة في المجتمع بثورتهم ونهجهم ولتسيدت تلك الثورة وترسخت ولاقت قبولاً واستحساناً لدى الشارع السني من أقصاه إلى أقصاه، ولرصعت توجيهات مرشدهم ولتم التغاضي عن بعض عثراتهم، خاصة إذا علمنا أن الأغلبية الساحقة من الشعوب ليس لها الا الظاهر ولا تعلم ببواطن الامور، كالعلماء والفقهاء والمحدثين.
من هنا تتجلى عظمة الخالق في حفظ المنطقة والامة من شرور ايران بان صدهم عن السبيل وما كانوا مهتدين، لكن بارادتهم وباختيارهم لوجهة الظلم وسفك الدماء ونشر الفساد والتعالي وعدم الاعتراف بمن يخالفها الرأي، بل تصفيته في الداخل والخارج الإيراني، رسم ذلك النظام نهايته بيده وبات من المؤكد أن سقوطه بات قاب قوسين أو أدنى.. وكما قيل بأن الظلم لايدوم وإن دام دمر.