النواب، ممثلو الشعب، وناقلو صوته، والمعبرون عن نبضه، بدؤوا أمس إجازتهم السنوية بعد انتهاء أعمال دور الانعقاد الحالي، وللتذكير فقط، فإن إجازة النائب في البحرين هي «أطول» إجازة مدفوعة الأجر بالمقارنة مع باقي الوظائف، وطبعاً هذا نظير «التعب» و»الجهد الجهيد» في «تمثيل» الناس، والذي بغض النظر أنه يدخل في راتب النائب مبلغ 1200 دينار تحت وصف «بدل تمثيل»، إلا أن الجماعة خرجوا الآن في إجازة بعد أداء «مبهر» انتهى بتلويح بالنصر وبـ»ثلاثة أصابع».
بخصوص من يريد معرفة لماذا رفع «بعض» النواب «ثلاثة أصابع» وابتسموا وصورا للكاميرا بعد جلستهم الأخيرة، يمكن قراءة مقال الأستاذ الكاتب علي صالح في الصفحات الاقتصادية في عدد صحيفتنا يوم أمس، إذ هذه الإشارة تحمل الكثير من التحليل والتفسير في إطار «شرح» الحالة التي شهدها هذا الدور النيابي بين ممثلي السلطة التنفيذية «الحكومة» وممثلي السلطة التشريعية «النواب».
لكن بعيداً عن ذلك، والنواب قد بدؤوا إجازتهم، أنا كمواطن مازالت لدي عديد من التساؤلات لم توجد لها إجابات، ولم توضع نقاطها على الحروف بالأخص من قبل النواب الذين أعطيتهم صوتي أكثر من مرة، حتى «بح» صوتي، وحتى وصفني الناس بـ«الجنون»، إذ المنطق يقول بأنك لو كنت مراهناً فراهن على «فرس رابحة»، لا «فرس» كل مرة تحملك وتحمل آمالك عالياً ثم ما تلبث إلا بأن «شدختك» عند أول مطب!
يا سعادة النواب، يا من أنتم الآن في إجازة، وأشك بأنه سيصلنا رد وتوضيح، إذ حتى بدون إجازة، تجد بعض النواب في «إجازة» بعيدة عن التواصل مع الناس. يا نواب، أنا كمواطن لدي مطالب وهموم وغيرها من مشكلات، وأنتم وعدتموني بحلها وأن يكون أداء هذا المجلس مغايراً وأفضل من المجلس السابق، وبالفعل قمتم ببعض المبادرات الطيبة والتواصل الإيجابي مع شرائح المجتمع، بل سجلتم مواقف تشكرون عليها بالأخص تلك المعنية بإحالة مخالفات تقارير الرقابة المالية والإدارية للنيابة، لكن رغم ذلك، لا يعقل بأنني كمواطن أوجه خطابي مباشرة للدولة والحكومة والوزراء مطالباً إياهم بالإجابة على التساؤلات وتوضيح الأمور بدقة وببساطة حتى أستوعبها، في حين نوابي الذين صوت لهم وانتخبتهم لا يحركون ساكناً.
تخرجون في إجازة ومازالت لدينا تساؤلات نريد لها إجابات، خاصة وأن آخر نقطة على السطر في مشوار هذا الدور النيابي تمثلت بتمرير الميزانية العامة وبعدها قام كل نائب بـ»إغلاق» دكانه وإعلان أنه في إجازة! دون تقديم إيضاحات للناس بشأن المكاسب التي تحققت «فعلياً» لهم من وراء السجال الذي امتد لعدة أشهر، وهل المكاسب فقط ركزت على المتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة؟!
حتى مسألة إعادة توجيه الدعم التي «جمدت» على ما يبدو، هل انتهى الحديث بشأنها، أم أنها رحلت لتطرح من جديد في دور قادم؟! هل سيدخل الناس نفس أطوار القلق والغضب حينما تبدأ التصريحات مرة أخرى تتكرر بشأن رفع الدعم عن هذه السلعة أو تلك؟! أين من يجيبنا من النواب؟!
حتى مسألة العجز الإكتواري والدين العام، ما نملكه هو تصريحات وزارة المالية والجانب الرسمي، لكن في المقابل أين هو رأي النواب، والتبرير بشأن تمرير طلب رفع السقف إلى 7 مليارات دينار، رغم أنه في وقت سابق أعلن 30 نائباً رفض هذا الطلب! نريد أن نعرف لماذا تغير موقف النواب الآن؟!
زبدة القول بأننا كمواطنين اليوم، ليست مسؤوليتنا في «مقام أول» مساءلة الحكومة بشكل مباشر طالما هناك مجلس نواب، فيه أعضاء انتخبناهم، هم من المفترض أن يقوموا بالتواصل مع الدولة ومتابعة أداء قطاعات الحكومة، وهم يملكون الأدوات الدستورية في توجيه الأسئلة والمساءلة والتحقيق وحتى طرح الثقة.
وعليه نريد إجابات على كثير من التساؤلات التي تمس الناس، لكن المشكلة أن النواب خرجوا في إجازتهم الطويلة، دون حتى منح الناس والصحافة «وعداً» بعقد مؤتمر صحافي مباشر ومفتوح يستعرضون فيه ما حققوه طوال دور الانعقاد الذي انتهى، وتفاصيل عملية تمرير الميزانية العامة للدولة، ويردون على استفسارات المواطن، أقلها من خلال وسائل الإعلام.