الواضح الآن هو أن الأسلوب الذي اتبعه البعض أملاً في تحقيق الأهداف التي وضعها لنفسه لا يمكن أن يوصله إلى مفيد، والواضح أيضاً أن الاستقواء بالخارج لم ينفع ولن ينفع، حيث الخارج الذي وضع بيضه في سلته واعتقد أنه سيعينه على تحقيق أهدافه انشغل بالبحث عن دواء لـ «قرعته» بعد أن فتح على نفسه أبواباً صار صعباً إغلاقها، وصار يستهلك كل ما يملك من ثروات لحفظ ماء وجهه في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
كما إن الدولة هنا قوية، بدليل أنها تصدت لكل المحاولات التي تم تنفيذها في السنوات الأربع الماضيات ولم تتأثر بالشكل الذي كان يأمله ذلك البعض الذي كان يعمل على إضعاف الاقتصاد تمهيداً لتفتيتها وإرغامها على رفع الراية البيضاء. لكن المثير هو أن هذا البعض لايزال مصراً على الاستمرار في نفس الأسلوب رغم كل الشواهد على فشله، ورغم تغير الظروف الإقليمية التي كان يراهن عليها حيث لم تعد في صالحه.
هذا يعني أن هذا البعض صار أمام طريقين عليه أن يختار أحدهما؛ الأول هو مواصلة ما بدأ به والاستمرار في اجتراع كؤوس جديدة من الفشل لأن هذا الطريق غير نافذ، والثاني هو التعامل مع الواقع كواقع واعتماد أسلوب آخر هو التعاون مع الحكومة لحماية الوطن والمواطنين في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها المنطقة والتي لا تحتمل أي خلافات وأساليب كالتي تمت تجربتها في السنوات الأربع الأخيرة ولم يسفر عنها إلا أذى المواطن الذي رفعت مصالحه كشعارات.
من يرفع شعار مصلحة المواطن وحقوقه ويسعى إلى تحقيق المكاسب له ويصر على الاستمرار في أسلوبه الذي لم يوصله إلى شيء ويصر على تجاوز الواقع فإنه يسيء إلى المواطن والوطن. اليوم تمر البحرين وغيرها من دول المنطقة بظروف جديدة وغريبة عليها تتطلب تعاون وتكاتف الجميع، فالإرهاب المحدق بالمنطقة والذي بدأت بعض صوره في السعودية والكويت لا يفرق بين حكومة و»معارضة» ولا بين أبيض وأسود، ومن يمارسه وضع لنفسه أهدافاً لا تتحقق إلا بتدمير الجميع، وساحة هذا الإرهاب لا تقتصر على المساجد التي لولا تعاون الجميع مع الحكومة في الجمعتين الماضيتين لانضم أحدها على الأقل لقائمة المساجد الخليجية المعتدى عليها ولارتفع عدد الضحايا من الأبرياء، فالإرهاب يبحث عن أي ثغرة يمكن أن ينفذ منها، والإرهابيون لا يدعون فرصة إلا ويستغلونها لتحقيق أهدافهم الدنيئة.
لم يعد الوقت مناسباً لتحقيق الأهداف الصغيرة والتي يمكن تصنيف كثير منها في باب الترف وكلها قابلة للتأجيل، فالخطر الذي يتربص بالجميع أكبر ولا حيلة لنا سوى بمواجهته، ومواجهته لا يمكن أن تتم من قبل البعض دون البعض الآخر، فهذه ليست فرض كفاية كصلاة العيد إذا أداها البعض سقطت عن الآخرين.
المرحلة التي تمر بها المنطقة تتطلب تكاتف الجميع ووقوف الجميع صفاً واحداً في مواجهة الأخطار التي تتربص بوطننا العزيز، وهذا لا يتحقق إن انشغلنا ببعضنا البعض واستمر بعضنا في محاولاته تحقيق أهدافه التي لم يتحقق منها شيء في الظروف العادية.
في مثل هذا الوضع ينبري السؤال عن الرجل الرشيد الذي يفترض أن يكون متوفراً بين البعض الذي لايزال مستمراً في محاولاته غير المفضية إلى ناتج، فمن دونه لا يمكن لـ «المعارضة» أن تثبت أنها معارضة ترمي إلى الإعلاء من شأن الوطن والمواطن، ولا يمكن لمن يرفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أن يثبت أنه يرفعها من أجل الوطن والمواطن، فعندما يتضرر الوطن والمواطن فلا قيمة لكل تلك الشعارات.
الإيقاع السريع الذي هو سمة الأحداث اليوم يتطلب من كل فرد أن يتحمل مسؤولياته بشكل كامل.